سبق ان حذرنا في اكثر من مناسبة من ان التمادي في مايسمى بالعصيان بالفهم السائد وبالأسلوب المتبع في حضرموت ، وربما في غيرها من المحافظات ، سيؤدي الى نتائج عكسية ٠ وكلنا يذكر حجم التذمر والاستياء في أوساط المواطنين ، الذي ولّده قرار الهيئة التنسيقية للهبة الشعبية ، قبل عام ، بالدعوة للعصيان لاسبوع كامل ! فما يجري تحت عنوان العصيان ليست له علاقة بالعصيان المدني كمفهوم او كممارسة ، وهو ، في أحسن الأحوال ، إضراب بالاكراه ، وهو يوجع المواطن ولا يوجع السلطة ٠ فما هو الضرر الذي يلحق بالسلطة عندما تقطع أرزاق المواطنين بصورة منتظمة ، او عندما يمنع المرضى من الوصول الى المستشفيات ، او التلاميذ الى مدارسهم ؟
العصيان هو عكس الطاعة ٠ والعصيان المدني كشكل من أشكال النضال السلمي يقصد به عدم طاعة القانون والامتناع عن القيام بالواجبات التي يفرضها هذا القانون ( كالامتناع عن تسديد الضرائب والفواتير ٠٠٠٠٠الخ ) ولكن لا يمكن ان نقرر مثلا الامتناع عن الالتزام بقانون المرور، لان هذا يعني (في بلد متحضر به نظام دقيق للمرور) التسبب بكوارث يدفع فواتيرها المواطنون٠
والعصيان المدني سواء كان خاصا او عاما ، لا بد ان يستوفي عددا من الشروط والضوابط لعل ابرزها : الطوعية ، والطابع السلمي المدني ( بالتعريف ) ، وان يكون للعصيان هدف محدد لا يتوقف العصيان ، عادة ، الا بإنجازه ٠وفي اي عصيان هناك طرفان احدهما هو السلطة ( السلطة السياسية او إدارة المنشأة او القطاع الاقتصادي مثلا ) ، والطرف الثاني هو العامل او الموظف او الحركة الشعبية ( حسب الحالة ) ٠ ولكن لم نسمع عن عصيان مدني تقف فيه حركة شعبية في مواجهة المواطن ٠ولعل من المفارقات العجيبة ان المؤشر الوحيد على نجاح العصيان ، والذي يعتمده إعلام الحراك هو إغلاق الدكاكين والمحلات التجارية ٠
لذلك ، فان ما حدث في المكلا ، الاثنين الماضي ، ما هو الا جرس إنذار لمن يريد ان يفهم ، وهو مؤشر على اننا اقتربنا مما كنّا نخشاه ونحذر منه وهو ان توصلوا الناس الى مرحلة عصيان العصيان ٠ فالمواطن البسيط يمتلك من الوعي ما يكفي للتمييز بين النضال الذي يوصل رسالته ويستهدف مصالح السلطة ، وبين الممارسات التي تسيئ الى قضيته ورسالته وتستهدف مصالحه ٠ ويجب الاعتراف ان بعض الغلاة من دعاة العصيان هم كمن (يعزم على دار خواله)
ان استمرار هذه الصيغة المشوهة من العصيان تفقد الحراك حاضنته الشعبية ، ولذلك لا بد ان تتوقف ، الا اذا كان هناك من يسعى للوصول الى هذه النتيجة ٠ فالحراك الجنوبي حركة شعبية قامت بالشعب ومن اجل الشعب ٠ والشعب قادر على تصحيح الأخطاء وازالة الشوائب ٠ ولا يكاد يختلف اثنان انه تحت غطاء الحراك تجري الكثير من عمليات التقطع والابتزاز والنهب وغيرها من الممارسات المشينة ٠ وعلى الحراك ان يكون اكثر حرصا وأكثر حزما في رسم الخط الفاصل بين النضال والبلطجة ، وان يتبرأ من كل فعل وكل شخص يشوه صورة الحراك ويسيئ الى القضية الجنوبية ٠
عبد المجيد وحدين
16/1/2015
777309650