لم يعد بخاف على كل مراقب للوضع في الجنوب والمتتبع لشأن ومسارات القضية الجنوبية منذ انطلاقتها السلمية وحتى خوضها غمار التحرير والمقاومة المسلحة أنها رغم ماقدم شعب الجنوب من تضحيات في الارواح وانتصار كبير على نظام صنعاء بكل افرعه وادواته الا انها لم تبرح مربعها في نهجها واتباع آلياتها وخطابها النضالي القديم رغم اختلاف الظروف والوسائل على الارض حيث باتت تفرض سيطرتها على جزء من الارض واهمها العاصمة عدن .
لقد انتقلت القضية الجنوبية من مربع النضال السلمي الذي مثلته مكونات الحركة الشعبية بكل فصائلها واشتغلت عليه ردحا من الزمن واشهرت به القضية وثبتت معالمها شعبيا بغض النظر عن اخطائها التي رافقت سير نضالاتها وماعانته من اختراقات منظمة وممنهجة في بنيات قياداتها من قبل النظام الحاكم وهو اثر سلبا على ادائها وكشف هشاشة بعضها في عملها وقد تجلى ذلك من خلال خطاباتها والتثبيت المنهجي لثقافة الاختلاف بين مكوناتها المتعددة بغية التشرذم والابتعاد عن تحقيق الهدف الموحد نحو التحرير واستعادة الجنوب المحتل .
ومانراه اليوم في عملية الانتقال من مربع قيادة المكو نات الجنوبية السلمية الى مربع قيادة المقاومة الجنوبية المسلحة بكل تنوعها انها تسير بخطى ديناميكية واحدة وتكرر نفس الاخطاء القديمة للمكونات والخشية من توقعات الاختراقات واردة وتكرار سيناريو الاخطاء دون الاستفادة منها وتجنبها والانتقال لمرحلة الحسم النهائي على قاعدة وطنية صلبة , فالتسابق المحموم للزعم بتمثيل المقاومة اليوم اشبه بكثير الى تسابق منصات المهرجانات والبحث بل اللهث وراء الميكروفونات من اجل الظهور وتاكيد الزعامة .
والسؤال البديهي اليوم قبل ضياع الفرصة الاخيرة للقضية الجنوبية وفلتانها من عقالها هو لماذا كل ذلك يحدث رغم توحد الهدف المنشود للجميع ؟!
الحقيقة مايمكن قوله في الاجابة على هذا السؤال هو غياب العمل السياسي الموازي للعمل السلمي الشعبي سابقا والعمل العسكري المقاوم حاليا
اذ بدونه لن تنضج قضيتنا العادلة ولن نستطع قطاف ثمارها حيث الجميع شعبا وقيادات نضالية تعيش مرحلة التهيه السياسي وبالتالي تفقد زمام التخطيط المبرمج والعمل الدؤوب للوصول الى غاياتها وهو ماينبغي البحث فيه سريعا والتقاط هذه الفرصة التاريخية التي قلما يجود بها الزمن بتكرارها وما يجنبنا الكثير من الكلف الباهضة مستقبلا في بلوغ هدف التحرير لوطننا .
إن مانعبشه اليوم نحن في الجنوب شعبا وقضية من حالة (التيه السياسي) التي عانينا ولازلنا نعاني منها بسب نخبنا السياسية والاكاديمية والثقافية والقيادات والزعامات القديمة الفارضة حضورها الاجوف على ساحات النضال والتي بكل تشرذمها خالقة لنا مناخات هذا التيه السياسي بوعي او بدون وعي وهي مدعوة اليوم لتقييم وضعها والاستفادة من الاخطاء الفادحة التي ارتكبتها مع مسيرة النضال والانتقال الى خلق حالة سياسية جديدة تعيد تموضع القضية في مسارها الصحيح وتجاوزها عقباتها او ترك الامر لطاقات شبابية جديدة لديها من الوعي الوطني والحس السياسي مايمكنها من انتشال مانحن فيه ودون ذلك سنذهب بعيد في هذا الواقع الذي يجعلنا في حالة تيه سرمدي بتكرار ممجوج مع مانشاهده اليوم حضوريا من عودة بعض المكونات الحراكية ببيانات لتحريك الشارع في الوقت الذي تجاوزت القضية هذا المربع والمكونات عندما صمتت مع لعلعة الرصاص وفرض المقاومة المسلحة على شعبنالجنوبي ولم نجد لها حضورا تنظيميا لها فيها الا كأفراد كان لحضورهم شرف الانتساب لهذه المقاومة المسلحة .
وخلاصة القول فان كل العيوب التي رافقت وسوف ترافق مسيرة النضال التحرري لجنوبنا الحبيب لايمكننا تجاوزها الا بعمل سياسي منظم منهجا وبرنامجا وهو مانفتقده للاسف الشديد وماخلق لنا هذا التيه الذي نخشى ان ينتقل من الحالة الآنية الطارئة الى حالة سرمدية مزمنة وهو مانخشاه ومالانتمنى حدوثه البتة .