ليست المشكلة في قلة الموارد أو ضعف الإمكانات فبلادنا تمتلك من الخير ما يكفي للعيش بكرامة، بل تكمن المشكلة في غياب الإرادة الحقيقية للإصلاح وفي سيطرة من يرى في الأزمات فرصة لجمع المال وتوسيع النفوذ. فهؤلاء لا يعنيهم تحسّن حياة المواطن بقدر ما يعنيهم بقاء الأزمة قائمة ليستمروا في استغلالها.
يظهر هذا الفساد واضحاً في أسلوب معالجة القضايا الاقتصادية والخدمية عبر حلول شكلية يستفيد منها الفاسدون مباشرة، مثل فرض الجبايات على الطرقات وابتكار الرسوم تحت مسميات مختلفة. وما يجري ليس إصلاحًا، بل تعميقٌ للأزمات وإطالةٌ لعمر الفشل.
ويظل المواطن هو الخاسر الأكبر في معركة لا يملك فيها أي وسيلة للدفاع عن حقوقه، فأخطر ما يصيب أي بلد أن تتحول معاناة المواطنين إلى مورد ربح للفاسدين، فتُدار الدولة بعقلية الجباية لا بعقلية التنمية.
إن الحلول الحقيقية تبدأ حين يُحاسب المقصّر ويُوقف الناهب، وحين تُبنى القرارات على فهمٍ الواقع لا على تبريراتٍ واهية. أما الإصلاح المؤقت فلن يُنتج سوى مزيدٍ من التمزق ولن يمنح النصر إلا لقوى الفساد وحدها.