في الوقت الذي تبحث فيه الحكومة عن أي مورد نقدي يساعدها على تسيير شؤون الدولة وصرف المرتبات وتحسين الخدمات، يظل منفذ الوديعة واحدًا من أكثر الملفات غموضًا وإهمالًا في المشهد المالي.
ذلك المنفذ الذي يُعد الشريان البري الوحيد الرابط بين بلادنا والسعودية يدرّ يوميًا ملايين الريالات من الرسوم الجمركية والضرائب والإتاوات، لكنها لا تصل إلى البنك المركزي ولا تُعرف وجهتها النهائية.
السؤال البسيط الذي يفرض نفسه:
لماذا لا يتم تشكيل لجنة قانونية ومالية مشتركة تتولى الرقابة على إيرادات المنفذ وتوريدها إلى البنك المركزي إلى حين استكمال ترتيبات التسليم والإدارة الرسمية؟
فما يحدث اليوم يمثل عبثًا بالمال العام وتعديًا على حق الدولة والمواطن، في ظل أزمة اقتصادية خانقة تدفع المواطن وحده ثمنها كل يوم.
ليس من المنطق أن تبحث الحكومة عن الإيرادات وهي تترك أهم المنافذ المالية خارج السيطرة والرقابة، وكأنها تتغافل عن مصدر يمكن أن ينعش الاقتصاد ويقلل الاعتماد على المنح والمساعدات.
المنفذ يجب أن يُدار بعقل الدولة لا بعقل المصلحة وبقانون الخزينة لا بقانون النفوذ.
والرقابة لا تُعتبر خصومة بل واجب وطني لحماية المال العام من الضياع، وترسيخ الثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة.
إن تشكيل لجنة مشتركة تضم ممثلين من المالية والجمارك، والبنك المركزي والرقابة والمحاسبة سيكون خطوة في الاتجاه الصحيح، ورسالة بأن الحكومة جادة في الإصلاح، لا في الخطاب فحسب، بل في الفعل والمحاسبة.
ختاما:
فالدولة القوية لا تُبنى إلا بإدارة الموارد بعدالة وبتحويل المنفذ من مصدر للفساد إلى رافعة للاقتصاد الوطني.
ولعل أول الطريق نحو الإصلاح يبدأ من منفذ الوديعة.. فهل نرى قرارًا شجاعًا هذه المرة؟