لا يلدغ "الجنوب" من جحر خمس مرات

2025-10-12 18:48

 

أثناء الحرب التي شنتها القوى السياسية والقبلية اليمنية ضد الجنوب، يتذكر الجنوبيون ذلك التصريح "الصاخب" الذي اطلقه الرئيس الجنوبي حينها/علي سالم البيض بقوله : "سوف نمد يدنا إلى حيث تصل"، وكان يقصد حيث تصل في المناطق اليمنية.

والحقيقة أن البيض حينها كان يراهن على وقوف بعض الأحزاب والقوى اليمنية في صف الجنوبيين.

وخلال سير المعارك والغدر به من قبل تلك الأحزاب والقوى، بوقوفهم إلى جانب أبناء جلدتهم اليمنيين، أطلق البيض تصريحه الثاني واصفاً تلك القوى "ما أطلقوا معنا حتى رصاصة واحدة على سبيل التعشيرة".

لقد كانت المرات الخمس التي لدغ فيها الجنوبيين من نفس الجحر تعود إما لعدم قدرتهم على فهم التباين الشاسع للواقع الموضوعي في كلا المجتمعين (اليمني والجنوبي)، او التقليل من تأثيره السلبي على القرار السياسي.

لقد عايش الجنوبيون خمس محطات في هذا السياق، يمكن أيجازها على النحو التالي :-

 

١) تشكيل فرع واحد لحركة القوميين العرب (اليمن والجنوب) في الخمسينات من القرن الماضي، وقد تم فصله إلى فرع الحركة في اليمن وفرع الحركة في الجنوب عند تشكيل الجبهة القومية لتحرير جنوب اليمن المحتل حيث كان فرع الجنوب من أكبر الفصائل المشكلة للجبهة، ألا أنه وفي وقت لاحق فقد حل الفرع نفسه وفك أرتباطه نهائياً بالقيادة المركزية للحركة في بيروت تمهيداً لفتح جبهة عدن ضد الأستعمار البريطاني في نهاية الفصل الأول أو بدايات الفصل الثاني من عام ١٩٦٤م بسبب معارضة القيادة المركزية للحركة لفتح جبهة عدن، بل أنها كانت معارضة من الأساس لنهج أسلوب الكفاح المسلح لتحقيق الأستقلال الوطني.

 

٢) تحالف عدد من قيادات تنظيم الجبهة القومية من أصول جنوبية مع قيادات في التنظيم من أصول يمنية ومنهم :

١) سلطان أحمد عمر.

٢) عبدالفتاح أسماعيل.

٣) محمد سعيد عبدالله "محسن".

٤) عبدالعزيز عبدالولي.

٥) محمود عشيش. 

٦) عبدالله الخامري. 

٧)سعيد الجناحي "تمباكو" 

وآخرين.

للأنقلاب على الرئيس/قحطان محمد الشعبي وسلطات الأستقلال في ٢٢ يونيو ١٩٦٩م، ومن ثم الأنحراف بمسار ثورة ١٤ أكتوبر ١٩٦٣م.

(لم نذكر هنا سلسلة التصفيات الجسدية والأعتقالات حرصاً على الوحدة الجنوبية).

 

٣) قبول عضوية عدد كبير من قادة (الجبهة الوطنية في اليمن-المناطق الوسطى) في السبعينيات من القرن الماضي في أطار الهيئات القيادية للحزب الأشتراكي اليمني وخصوصاً في المكتب السياسي واللجنة المركزية، أمثال التالية أسمائهم :-

١) يحيى الشامي.

٢) جار الله عمر.

٣) مجاهد الكهالي.

٤) حسين الهمزة.

٥) عبدالواحد المرادي.

٦) أحمد علي السلامي. 

وآخرين. 

وبالتالي تشكيلهم مع الأعضاء السابقين ذوي الهوية اليمنية، أغلبية طاغية في تلك الهيئات وذلك يعني توجيه الدولة الجنوبية على كافة المسارات السياسية والأقتصادية والأجتماعية والعسكرية وعلاقاتها مع الدول في الجوار والأقليم والمجتمع الدولي.

 

٤) أقدام قيادة الحزب الأشتراكي اليمني على تسليم الدولة الجنوبية بأستقلالها وعلمها وسيادتها وتأريخها ومقدراتها وثرواتها لمجرد زعماء عصابات في اليمن بقيادة علي عبدالله صالح لتحقيق ما سميت بالوحدة اليمنية، ومن ثم قيام القوى اليمنية بشن حرب ضد الجنوب وأحتلاله منذ ٧يوليو ١٩٩٤م.

 

٥) تصريح الأخ/عيدروس الزبيدي - رئيس المجلس الأنتقالي الجنوبي، نائب رئيس المجلس القيادي الرئاسي لقناة "الحرة" مؤخراً بأمكانية ضم بعض مناطق مأرب وتعز إلى الجنوب بحكم ذاتي.

ونرجو أن يظل هذا الأمر في إطار التصريح الأعلامي فقط، لأن تطبيقه عملياً سوف يمثل الأنتكاسة الخامسة التي يمكن أن يمنى بها الشعب الجنوبي.

إن الترحيب والتهليل الذي عبر بهما أبناء تعز حول تصريح الزبيدي (مع حفظ الألقاب) يدل على عمق الأزمة النفسية التي يعانيها "التعزيون" من الأستبداد الذي مورس عليهم من قبل أبناء الهضبة الزيدية منذ مئات السنين، فهم - اي أبناء تعز - مع الوحدة اليمنية واليمن إذا صمم الجنوبيون على أستعادة أستقلال دولتهم الوطنية على أعتبار أن الجنوبيين يتقاسمون معهم أستبداد الهضبة الزيدية.

وإذا ما تم ضمهم إلى الجنوب "فطز" للوحدة اليمنية، وليذهب اليمن إلى الجحيم.

 

ملحوظة... ياترى ما هو تعليق سيئ الذكر/عبد الملك المخلافي القائل :- ( إن تنمية الجنوب وتوفير الخدمات له سوف يعزز عند الجنوبيين نزعة الأنفصال. لذلك يجب حرمانهم من كل شيء ضماناً لبقائهم ضمن مظلة الوحدة اليمنية ) وهو يشاهد فرحة أبناء جلدته بتصريح الأخ/عيدروس الزبيدي.

 

أحمد مصعبين

٩ أكتوبر ٢٠٢٥م