عدن: مدينة عشوائية تحاصرها العشوائيات

2025-08-23 23:00
عدن: مدينة عشوائية تحاصرها العشوائيات
شبوه برس - خـاص - عــدن

 

*- شبوة برس – محمد مظفر

عدن، تلك المدينة التاريخية التي كانت يوماً جوهرة الجنوب العربي وميناءه الحيوي، تبدو اليوم وكأنها لوحة حزينة لمدينة فقدت بوصلة التخطيط وأضاعت معالم هويتها. لقد تحولت هذه المدينة العريقة إلى كيان عشوائي كبير، تحيط به وتخنقه أحياء الصفيح والعشوائيات التي انتشرت كالنار في الهشيم.

هذه العشوائيات ليست مجرد منازل متواضعة، بل هي علامة على غياب الدولة وتفكك خطط التنمية الحضرية. لقد التهمت البنية التحتية، وحولت الشوارع إلى متاهات، وجردت المدينة من أي إمكانية للتطور لتصبح مدينة حديثة. المستقبل الذي تتطلع إليه المدن العالمية القائمة على التخطيط الاستراتيجي والذكاء العمراني يبدو حلماً بعيد المنال لعَدَن، التي تكافح فقط للبقاء فوق سطح اليومي.

والأخطر من ذلك، أن هذا الواقع العمراني المتردي هو انعكاس لأزمة اقتصادية أعمق. كيف لمدينة أن تبني اقتصاداً قوياً وهي عاجزة عن توفير أبسط مقومات الحياة المنظمة؟ إن ركائز الاقتصاد الحديث – من جذب الاستثمارات، وتعزيز السياحة، وبناء بيئة ملائمة للأعمال – تتهاوى جميعها في وجه الفوضى العمرانية وغياب الخدمات الأساسية. لا يمكن فصل اقتصاد المدينة عن شكلها الحضري؛ فالفوضى البصرية والهيكلية تولد فوضى اقتصادية واجتماعية تطيل أمد المعاناة.

في النهاية، عدن ليست مجرد مدينة عشوائية بالصدفة، بل هي نتاج تراكمات من الإهمال وسوء الإدارة. إن إنقاذها يتطلب أكثر من إزالة عشوائيات؛ إنه يحتاج إلى إرادة سياسية حقيقية وإلى خطة شاملة تعيد لها مجدها كمدينة تعانق البحر بحضارة، لا كمستوطنة بشرية تكافح من أجل البقاء..