.... حرية الرأي هي حق أساسي لكل فرد في التعبير عن رأيه وأفكاره دون خوف من الرقابة أو العقاب .
وتشمل الحق في البحث عن المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها دون قيود ، سواء كانت شفوية أو كتابية أو من خلال وسائل الإعلام أو الفنون ، وهي حق مكفول في معظم دساتير العالم وقوانينه ، ونص عليها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في المادة 19 : " لكلِّ شخص حقُّ التمتُّع بحرِّية الرأي والتعبير ، ويشمل هذا الحقُّ حرِّيته في اعتناق الآراء دون مضايقة ، وفي التماس الأنباء والأفكار وتلقِّيها ونقلها إلى الآخرين ، بأيَّة وسيلة ودونما اعتبار للحدود " .
مفهوم حرية الرأي :
حرية الرأي حق مشروع من حقوق أي إنسان ، لكن هذا الحق يجب ألا يتجاوز حدوده ويصبح موجه للتخريب أو زرع الفتن ، بل يجب أن يستخدم في نفع المجتمع وبناء الثقة ونشر الوعي والدفاع عن الوطن .
النقد البناء:
النقد البناء هو مرادف للنصح لتصحيح الأخطاء ولفت النظر إلى قضية أو موضوع وتذكير السلطة بأن مايحصل خطأ يجب إصلاحه .
والنقد له أساليب مختلفة منها ماهو علني عبر الصحف والمنشورات ومنها ماهو شفهي مواجهة مع المسؤول أو الجهة ذات العلاقة ، وأخرى عبر إرسال رسالة إلى المسؤول المعني بالأمر للفت نظره إلى خطأ حاصل يجب إصلاحه .
والهدف من النقد هو الإصلاح وتصحيح المسار والاقلاع عن تصرف أو فعل مخالف .. ويجب على الجهة المعنية أن تقبل النقد إذا كان لهدف منه إصلاح الخلل الموجود .
نشر الفتنة:
هناك من يستخدم حرية الرأي لنشر الفتنة وإشاعة الفوضى لخدمة أجندة خارجية ، أو لتحقيق مصالح شخصية أو الأضرار بجهة مسؤولة او شخص مسؤول أو مواطن لغرض شخصي ، وهذا لا يعتبر حرية رأي بل إثارة فتنة والأضرار بمصالح المنطقة أو البلد ، كما أن استخدام حرية الرأي بنفس مناطقي أو قبلي أو جهوي يعد جريمة يعاقب عليها القانون . كذلك من يستخدم مساحة حرية الرأي التي سمح بها وحددها النظام للعمل لصالح جهة أجنبية يعتبر عميل وخائن للوطن ويجب محاسبته وفق القانون والنظام .
الحدود بين النقد البناء ونشر الفتنة:
هناك حدود للحرية الشخصية للفرد تنتهي عند حدود حرية الآخر ، كذلك الرأي ليس من حق أي شخص فرض رأيه على الآخرين .
ويمكن تحديد الفاصل بين النقد البناء ونشر الفتنة وإشاعة الفوضى بسهولة .. وهي أن النقد البناء هدفه إصلاح خلل موجود مثل فساد أو إهمال أو تسيب أو اي فعل مخالف لقوانين البلاد ونظامها .. أما نشر الفتنة فهي إثارة الفوضى ونشر الفتن عن طريق " حرية الرأي " بالكلمة والمنشور والمال ! نعم المال المدنس الذي يستلمه المخرب ممن جنده لتهديد الأمن والسلم الإجتماعي .
إن معارضة السلطة في أي بلد في العالم مشروعة وفق ضوابط تحددها القوانين وتلتزم بها المعارضة والسلطة ، بحيث لا يتعدى اي طرف الحدود التي نص عليها القانون مثل التظاهر والنشر وحرية عقد اللقاءات والبيانات الصحفية .
أما من يحاول نشر الفوضى وتهديد السلم الاجتماعي وإشعال الفتنة فهذه ليست حرية رأي لأنه تعدى على حق المجتمع في الأمن والسلام .
* الاستخدام الإيجابي لحرية التعبير:
نحن والحمد لله في هذه البلاد لدينا مساحة من حرية الرأي والتعبير يتمناها غيرنا من شعوب دول الجوار ويجب أن نحسن استخدامها ولا نتجاوز الخطوط الحمراء بين حرية التعبير والرأي وحرية الآخرين .
لنا الحق في نقد اي تصرف غير مشروع أو مخالفة للقانون من أي جهة كانت ولنا الحق في المطالبة بإصلاح الخلل ومنع تكراره .. لكن ليس لنا الحق أن ننتقد من أجل النقد فقط ، أو ننتقد من أجل إشاعة فوضى لمصلحة حزب أو جهة او شخص .
إن إحترام حرية الرأي توجبها كل القوانين ، التي في نفس الوقت تحرم وتجرم استخدامها في الهدم ونشر الفتنة والأضرار بالمجتمع .
فيا من يتمتع بحرية الرأي حافظ عليها واحسن استخدامها وابتعد عن من يحاولون شراء الذمم بالمال ﴿ فما كل بيضاء شحمة ، ولا كل سوداء تمرة ﴾ وكل نفس بما كسبت رهينة .