تاريخ ضياع العرب

2023-10-31 19:54

 

لا توجد امة على وجه الارض تعلم تاريخ ضياعها ، و تحفظه عن ظهر قلب مثل العرب ، عقب اشباعه بالدراسه ، و المراجعة ، و الفحص و التدقيق ، و اخضاعه لفلسفة العقل والعلم ، وتشريح مصادره ومظاهره في مراكز  البحوث العلمية المختصة ، واصدار الاطنان من رسائل التحقيق العلمي حوله .

وقد يستبد بالمتابع العتب من امة تعي تاريخ ضياعها ، وتستمر في ذات الطريق من قرابة قرن من الزمان في حدوده الدنيا ، دونما التوغل في عوامل ضعفها في التاريخ الوسيط والقديم .

ويعي العرب قادة وشعوبا تاريخ نكبتهم ، وخطورتها عليهم ، وحرصوا على العمل في تنفيذها ، بل والتنافس على تحقيق قصب السبق في هذا المارثون الطويل الذي انطلق بقبولهم بمعاهدة سايكس بيكو ، التي تؤرخ لانزلاق العقل العربي في التاريخ الحديث ، والتأسيس لضياع بلدانه و شعوبه ، و استسلامه الاعمى والقاتل لكل ما يملأ عليه من الكوارث ، مسجلا استجابة طوعية غير مسبوقة لعمليات الخراب المستدامة في الاوطان والمتجددة في كل الازمان ، وينافح عن وجودها  بعقل مريض ونفسية هالكة ، لاتعي موجبات ومتطلبات اولويات معادة ضياعها ، وكيفية اعادة وضع القدم على الطريق الصحيح .

دخل العرب دوامة الضياع من اوسع الابواب ، ولم يستطيعوا الخروج منها ،  وسط اصرارهم على تجاهل قدرات عقولهم العربية والاستمرار في محاربة استخدامها ، اوالاستفادة منها للمساعدة في وضع خارطة الطريق للخروج منها ، وعادة مايحكم التاريخ بمجموعة من العوامل الموضوعية القادرة على تهيئة صناعة احداثه والتحكم بها في لعبة الحرب والسلام والتفكير السليم لكي لا تصبح ضحية لها .

واستفادة بريطانيا من تاريخها الاستعماري في الوطن العربي وعملت على قيام كينتونات دوله القطرية التي عمقت الخلافات القومية للعرب، واسهمت في تمزيق جمعهم شر ممزق ، واستماتة في توظيف قدراتها الاستخبارية في مواصلة بناء حواجز تقطيع كياناتهم ، والايغال في صناعة العداوة المركبة بينهم ، واستنزاف ثرواتهم في شراء اسلحة الدمار ، و الشروع في دفعهم لمذابح الاخوة و الاوطان والمشاركة في إدارتها على ضفتي القتال من غرفة دولية واحدة . نجحت بريطانيا في تقطيع اوصال العرب ، لتسهيل عملية الاستفراد بهم دولة بعد اخرى ، دونما عناء يذكر .

يعي العرب قصة وتاريخ ضياعهم لكنهم عاجزين عن انقاذ انفسهم ودولهم و شعوبهم منها . وهناك  تغير ملحوظا وواضحا في انصراف الجيل الجديد عنها ، واكتساب مهارات الجهل بها ، والابتعاد عنها كل يوم ، وكأنه ولد وعاش غريبا عنها ، مما يؤكد مواصلة العرب للسير في الهاوية الى مالانهاية ، وتقبلهم بتسجيل جرم جديد في حياتهم وحياة وتاريخ اجيالهم الصاعدة ، بسكوتهم المذل عن ذهاب مصادر تكوين العقل العربي و فقدان الهوية ، وانتظار صناعة اول الاجيال الرقمية من العرب .