هُم ونحنُ والنزوح والعنصرية كمثال

2022-03-08 12:59

 

عالقة في الأذهان مشاهد أخوتنا السوريين وهم مُسَوّرين بالأسلاك الشائكة عند حدود دول أوربا، فقد حُظر عليهم دخولها، وظلّ الصّقيع ينهش في أجسادهم المنهكة وأطفالهم من طول التّرحال، كما الجوع يطحنهم، والأكثر إيلاماً في نظراتهم الكسيرة النّائحة نحو من يطوقهم وهي تستصرخهم: (هل من مُغيث؟)، لكن لا إجابات عدا النّظرات الباردة وربّما المتقزّزة من حراس الحدود هناك، هكذا إستقبل متحضّروا أوربا أشقائنا السوريين بالأمس عند دمار بلادهم وخرابها.

 

اليوم تطحنني موجة الحزن وأنا أتابع أفواج النازحين الأوكرانيين، وأكثر مايشقٌ في نفسي مرٱى الأطفال ببرأتهم وأجسادهم البضّة وهم يتكبّدون مشقة النزوح مع ذويهم ، وكلٌ ذلك لأنّنا عاطفيون ، كما ذاكراتنا سريعة النسيان كما يبدو ، أو لأننا لانميل الى تأصيل ولو شيئ من النّدية في دواخلنا تجاه الٱخر أياً كان .

  * ألمحت بعض الفضائيات – سكاي نيوز عربيه – عن الممارسات العنصرية بين جموع النازحين من أوكرانيا ، فالأوكرانيين الأصل يلقون كل الحظوة والرعاية في الحدود ، ووردت مُرتجلة من أحدهم عبارة أن الأوكرانيين مسيحيين وبيض ومثقفين ، ومن قال أنهم أوروبيين ! هكذا يتفرّد التمييز العنصري المقرف بين هذا وذاك خلال هذه المحنة ، مع أن الكل تطحنهم نفس المعاناة ، والعرب والأفارقة ، ومعظمهم طلاباً ، فقد وجدوا أنفسهم في خانة أخرى من المعاملة هناك ، هذا أذاعته سكاي نيوز ضمن تقرير خبري لها مساء الثلاثاء 1مارس الجاري .

كان وسيظل الغربي عموما متميزاً بالإستعلاء على الٱخر ، ونحن العرب والمسلمين نحظى بالقدر الأكبر من الدونية والتمييز في نظرهم ، مع كل ذلك يستغرقنا الإستبساط ويمكن الخنوع للٱخر الذي يزدرينا ، أو الذي لايتعاطى معنا ولو بقدر ضئيل من الندية !

 

لا أدري متى أو تحت أي ظرف سيتجرّد العربي والمسلم من دونيته التي يصبغها الٱخر به ، أو متى سيتحلّى بتوقير ذاته وإكبارها ويتعامل مع الٱخر مثله ؟ حتى حكامنا العرب بقصورهم الفارهة وهيلمانهم علينا ، فهم يتمسّحون ويتذلّلون للغربي والٱخر عموماّ ، وفي اليونان رموا من أبناء جلدتنا المهاجرين غير الشرعيين في لجة البحر وماتوا منهم ، وثمة من مات عند حدود دول أوربا متأثراً بالصقيع كما قرأت في صحيفة الأيام الغراء في الأيام المنصرمة .

مع رؤيتي بجدوى وجود قطب أو أقطاب أخرى الى جوار الشيطان الأكبر أمريكا ، وبين دردشة بالواتس مع صديقي المصري والمثقف في القاهرة سألتهُ: كيف تُقيّم مايجري في أوكرانيا ؟ سريعاً ردّ عليّ: يغوروا في ستين داهيه، وأردف: همّ دول أو دول هيفيدونا بحاجه؟ لأّ، كلهم هايخربوا بيت أبونا كعرب! كنت مقتنعاً تماما بمنطقه، ثم أني أدرك جيداً أن المسألة هي مسألة ثقافات ولاشكّ، أليس كذلك؟!

   

علي ثابت القضيبي

الخيسه / البريقه / عدن .