منذ سنوات طويلة سبقت إستشهاده دأب الشهيد سعيد محمد تاجرة القميشي على حمل علم الوطن "الجنوب" على كتفه وقطع به مسافات طويلة والمشاركة به في الفعاليات الجماهيرية التي تقيمها قوى الحراك السلمي الجنوبي ومن ثم المجلس الانتقالي الجنوبي في العاصمة عدن والمحافظات الاخرى.
الشاب الجنوبي الريفي البسيط تذوق كغيره من أبناء الجنوب من كوؤس مرارة الوحدة كثيرا ونال من ظلم نظامها الحاكم الاكثر، شهد بعينيه الكثير من أصناف القهر والإذلال الذي تعرض له شعب الجنوب على أيدي عتاولة النظام ومتنفذيه وبلاطجته.
شاهد الف مره ومره كيف تسرق قوى النفوذ الشمالية ثروات الجنوب وتحولها إلى أرصدة مالية في البنوك الخارجية وتملك العقارات في كبريات العواصم العربية والغربية ،وكيف تؤسس بها الشركات والمؤسسات التجارية العملاقة فيما شعب الجنوب يعيش فقرا مدقعا ويعاني تهميشا رسميا لايضاهى.
كل ممارسات نظام صنعاء بحق الجنوب وشعبه غرست بذور حب الوطن (الجنوب) في قلب ذلك الشاب البسيط وزرعت فيه شتلات روح التحدي والنضال ،واولدت داخله روح العزيمة والإصرار على مواصلة النضال حتى إستعادة كل شبر من أرض الوطن المسلوب .
تلك الصفات النضالية منحت شهيدنا البطل (تاجرة) شرف المشاركة في مقاومة المليشيات الحوثية والتصدي لتمددها في ارض الجنوب مع العشرات من أبناء شبوة وقبيلة لقموش على وجه الخصوص التي قدمت في معركة قرن السوداء الشهيرة فقط أكثر من 21 شهيد .
وكعادته وبمجرد أطلاعه على الدعوة العامة للحضور والمشاركة في الفعالية الجماهيرية المزمع إقامتها في مدينة عزان يوم الثالث من اكتوبر 2019 عقد سعيد تاجرة القميشي العزم على تلبيتها والحضور والمشاركة فيها بمعية المئات من أبطال الجنوب الاحرار.
وبمجرد أن أطلت شمس يوم 3/أكتوبر برأسها لتضئ بنورها المشرق رقعة الكون كان البطل سعيد تاجرة في جاهزية تامة للذهاب إلى مدينة عزان وحضور تلك الفعالية والمشاركة فيها كعادته في تلبية نداء الوطن.
وهناك اي في مدينة عزان التي كانت من أوائل مناطق الجنوب التي انتفضت في وجه الجبروت الشمالي وضع شهيدنا الشاب آخر لمسة في لوحة نضاله المتميزة.
في عزان حضر الجبروت بحقده ونزعته الانتقامية مدججا بكافة أنواع أسلحته وشبان وأطفال قصر مغسولي الأدمغة مشحونين بكراهية كل ما هو منتميا للجنوب ، فيما كان للعزة والكبرياء والإرادة والحب الجنوني للأرض وتربتها وشعبها وقضيتها ورايتها حضورا مقابلا ايضا.
وقف الشهيد تاجرة على ظهر إحدى المركبات شامخا متطاولا في عنان السماء حاملا بيمناه رأية وطنه الأبدية ، وبثباته وشموخه وسمو مطلبه ومشروعيته اغاض مليشيات الشر وجماعات الفيد والتسلط الذين جن جنونهم فهبوا بكل غرور لانتزاع الراية المقدسة من قبضة ايديه عنوة ولكن كانت ايادي الحق اقوى من أياديهم المرتعشة التي لم تتقن سوى مهنة الضغط على الزناد وتوجيه فوهات بنادقهم إلى صدور الابطال.
هناك على تربة الأرض التي ناضل من أجلها طويلا وفي مشهد رأه العالم عن بكرة أبيه عبر شاشات القنوات الفضائية والشاشات الذكية ، تلقى جسد الشاب المنهك بجروح الظلم والتهميش عدد من الرصاصات المنطلقة من بندقيات الجبناء ارتقى بسببها شهيدا إلى السماء مسطرا ملحمة بطولية سيدونها التاريخ النضالي العربي في صفحاته ، مسجلا حكاية بطل وبطولة نادرة ستتداولها الأجيال الجنوبية والعربية وستفتخر بها دون شك.
رحم الله الشهيد سعيد محمد تاجرة القميشي واسكنه مع كافة شهداء الجنوب فسيح جناته.