لا يساورني شك في أن النواب الجنوبيين في البرلمان اليمني قادرين على تقديم مذكرة إلى مجلس النواب يطالبون من خلاله رئيس الجمهورية تحديد موعد لاستقلال دولة الجنوب التي تم احتلالها عام 1994 بالقوة العسكرية ، وإقصاء كافة قياداتها من السلطة وتشريدها خارج الوطن بعد أن تم التوقيع معها على اتفاق وحدة سلمية في 30 نوفمبر 1989 في عدن ، التزم فيه الطرفان على إكمال إجراءات الوصول إلى دولة الوحدة على أساس الدستور الدائم لها.
جاء في اتفاق عدن 1989 ، أنه تم خلال الزيارة التي قامت بها قيادة الجمهورية العربية اليمنية إلى عدن المصادقة وإقرار مشروع الدستور الدائم لدولة الوحدة الذي أنجزته اللجنة الدستورية المشتركة.
ونص ذلك الاتفاق على الدوافع الأساسية لمصادقة قيادتي الدولتين على الدستور الدائم لدولة الوحدة كالآتي :
(انطلاقاً من تطلعات جماهير شعبنا اليمني في تحقيق الوحدة اليمنية أرضاً وإنساناً ووصولاً إلى تحقيق كامل استقرار وأمن وتطور ونماء الوطن اليمني ... واستمراراً في تهيئة المناخ السلمي والديمقراطي اللازمين لإنجاز الخطوات الوحدوية وصولاً لدولة الوحدة وتأكيداً على الالتزام بسياسة الحوار والتفاهم).
وعلى العكس مما جاء في هذا النص ، فقد تبخرت كافة تطلعات جماهير الشعب الجنوبي في تحقيق الوحدة اليمنية منذ أن بدأت مظاهر تعثرها خلال السنتين الأولى بعد اعلانها ، ولم يتحقق أي استقرار ولا أمن ولا نماء ، بل تمت التهيئة لمناخ الحرب على الطرف الجنوبي تأكيداً على عدم الالتزام بسياسة الحوار والتفاهم. وقامت الحرب على الجنوب بعد مرور 4 سنوات من التهيئة لها قبل اندماج المؤسسات الرئيسية للدولتين في دولة واحدة ، وأهمها مؤسسات القوات المسلحة والأمن والقطاع العام ، بهدف نهبها وتدميرها.
فكانت نتيجة الحرب ضم دولة الجنوب بالقوة إلى دولة الشمال ، بعيداً عن أي بند من الاتفاق على الوحدة ، بما في ذلك عمل إجراءات متتابعة لتغيير كافة بنود الدستور المتفق عليه بين الدولتين.