كنت في القاهرة، و طلبت من سائق التاكسي في يوم لم أكن مشغول فيه ان يفسحني بالمناطق التي يكثر فيها اليمنيون، و السائق يعرف انني من أصول جنوبية.
فقال لي : "عايز تشتري شقة يا باشا؟" إخواتنا اليمنيين واخذين شقق كتيره في مصر.
و أخذني الى منطقة فيصل بالقاهرة الذي لولا يقيني انني في قاهرة المعز لاعتقدت انني في دار سعد بعدن، و في كل زاوية قهوة، و تأتيك اصوات المُشَيّشين و اصواتهم العالية و كأنهم في مخبازة الشيباني، و يعود و يقول لي السائق ان فيصل احتلوها اليمنيين، و كرر عليا السؤال تريد تشتري شقة يا باشا؟
ثم اخذني الى ارض اللواء و هذه المنطقة لا تقل عن منطقة فيصل بوجود اليمنيين، و يعود السائق ليقول لي لو عايز شقة، ما انصحك في ارض اللواء، لانها معفنة و فيها القطار يمر و يزعج البشر.
و هناك من اشترى شققاً في شارع جامعة الدول، و التجمع الخامس و غيرها من الأماكن.
من اين لهؤلاء الناس هذه المبالغ لشراء الشقق و ليس ذلك فقط، و انما العيش في القاهرة هم و اسرهم و لا يعملون، و لكنهم يستلمون رواتبهم بالعملة الصعبة كل شهر من السفارة، و مثل هذا يتكرر في تركيا و الأردن. من يفيدني و يفيد شعبنا لماذا هؤلاء الجماعات تُسخّر لهم حكومة الفساد شراء المنازل و يتقاضون رواتباً محترمة دون ان يقدموا شيئا للوطن.
انه النفاق و الفساد يا سادة.
قال صلّ الله عليه وسلم: آية المنافق ثلاث: إذا حدّث كذب، و إذا وعد أخلف، و إذا اؤتمن خان، فمنافقو الشرعية يكذبون و يخلفون الوعود و يخونون الأمانة.
أن شيوع النفاق في حياتنا بهذا الشكل المزعج يعني أن هناك خللا في المنظومة الوظيفية و الاجتماعية في بلادنا، فلا ينبغي أبداً أن تكون المناصب القيادية من نصيب هؤلاء الذين لا يحسنون عملاً إلا التقرب إلى أصحاب القرار بكل الوسائل، بل ينبغي أن تكون هذه الوظائف و تلك المسؤوليات من نصيب الأكفاء الذين تأهلوا لها و قادرون على العطاء فيها و تحقيق المصلحة العامة، و الا كيف ننافق و نحن نعلم ان هناك اناس من أهلنا يموتون في المجاري، و آخرون يأكلون اوراق الأشجار، و لدينا مشكلة في الكهرباء و الامراض تفتك بالمواطن، و عملة وطنية في الحضيض، حتى الطلبة لم تستطع الشرعية توفير ملابس لهم، و عندما أمر الهلال الأحمر الإماراتي توفير الزي المدرسي للطلبة انبرى المنافقون ينشدون اننا شعب ابي لا نقبل الذل و الشحاتة، و انبرى بعض المسؤولين المنافقين يطلبون من الشعب الخروج و التطبيل للرئيس و حكومته الفاسدة و الصراخ نحن معك يا دنبوعنا.
النفاق و التطبيل من المسؤولين و بعض الصحفيين لا يليق، لقد اضحكنا علينا العالم كله، ان شعبنا لم يعد يتحمل هذه المآسي و إستمرار فساد الحكومة و التردي و التدهور في الحياة السياسية و الاقتصادي و الاجتماعية.
ان ما تقوم به حكومة الشرعية، و سكوت فخامة الرئيس عليها انما تعتبر مشنقة للوطن و نهاية كارثية اتمنى ألا يقع أهلنا فيها.
على فخامة الرئيس و حكومته الفاسدة ان يعلموا انه لا يجوز معاقبة الالاف من ابناء الجنوب بقطع لقمة عيشهم و بحرمانهم من العيش الكريم.
و على المنافقين المطبلين ان نقول لهم اتقوا الله في انفسكم، فنفاقكم يكرهه شعبنا.
الخلاصة:
ــــــــــــــــ
اتمنى ان يتبنى فخامة رئيس البلاد عبدربه منصور هادي قانون يحظر كل أشكال النفاق السياسي في كل وسائل الإعلام و الثقافة و توقيع عقوبات على المنافقين سواء أكانوا من كبار المسؤولين أو صغارهم .
لأن النفاق أفسد الحياة السياسية و الاجتماعية و الثقافية الجنوبية، و أهدر حقوق المجتهدين الذين يؤدون واجباتهم الوظيفية على الوجه الأكمل ثم يقتنص المنافقون الوظائف القيادية و درجات الترقي و العلاوات الاستثنائية، الأمر الذي يؤدي إلى تراجع مستوى الأداء و إصابة العناصر المتميزة بالإحباط و بالتالي زادت الخسائر الاقتصادية و انتشر النفاق بين كبار و صغار الموظفين طمعاً في المناصب القيادية و ما يترتب عليها من مكاسب وظيفية و مادية .
علي محمد جارالله
20 سبتمبر 2018