سمعنا ونسمع كثيراً من أن مخرجات حوار صنعاء جاهزة ومعدة مسبقاً ولا أخفيكم القول أن قلت لكم أن هذا هو ما أحسه وألمسه من خلال سير جلسات ذلكم الحوار وأن حاول بعضهم أن يعطينا انطباعاً مغايراً من أن أعضاء الحوار هم من سيصنع مخرجاته، وبصراحة أقولها أنا مع إحساسي هذا إذ لم استسيغ ما يراه أعضاء الحوار من أنهم هم صانعوا مخرجاته، فالحقيقة أن الحوار وجدت مخرجاته قبل أن يوجد أصلاً وأن المطلوب فقط من المتحاورين هو الموافقة أولاً ومن ثم التوقيع ثانياً ثم ينتهي دورهم كأدوات أو كممثلين في مسرحية تراجيدية أو لنقل كوميدية هزلية وهو الأقرب إلى الحقيقة والواقع، ومن ثم سيقوم العنصران الفاعلان والمؤثران في الحوار وهما مؤلف الحوار ومخرجه صاحبا الدور الحقيقي والمتمثلان بالدول الراعية لحوار صنعاء ذاك وهما المحيط الإقليمي والدولي المدافعان من منطلق مصالحهما والممولان لهذا الحوار ليجنيا هما ثمرته الفعلية التي اينعت أو أوشكت على ذلك وحان قطافها.
وهنا قد يسأل سائل إذاً ما الداعي لذلك الحوار أصلاً ؟ ببساطة أقول هي السياسة أرادت وتريد هكذا، بمعنى أن الدول الراعية للحوار أرادت هذا وتحاول إقناع المجتمع الدولي بوجود حوار تمخض عنه مخرجات، وأن دورها لم يكن محورياً وأساسياً في صناعة مخرجاته بقدر ما هو أشرافي وهذا هو قمة الاستخفاف بالمتحاورين أولاً وبعقول كل الناس عموماً الذين يرجون ويعلقون آمالاً على حوار صنعاء ليحل كثيراً من المشاكل العالقة وبالذات تلك التي عجزت ثورة التغيير في الشمال عن تحقيقها.. والحقيقة أن هذا الحوار لن يحل شيئاً من تلك المشاكل لسبب بسيط وهو أن من زرعوا تلك المشاكل هم جزء من ذلكم الحوار فهم القضية (المشكلة ) وهم القاضي (الحكم)، باختصار كأننا نطلب ممن قذف بنا في الوحل أن يمد يده ليخرجنا من وحل التخلف والجهل والتبعية والفساد وسلطة القبيلة ونهب المال العام وتسخيره للمصالح الشخصية الضيقة ولكسب الولاءات وغيرها من الابتلاءات التي قزّمت أبناء الشعب وجعلتهم مسخرة في كل دول العالم، فهم قطعاً لن يفعلوا ذلك لأنهم يعلمون أن في ذلك نهايتهم، ولأنهم قد قست قلوبهم على أبناء شعبهم فأصبحت كالحجارة بل أشد قسوة، فلا رحمة فيها ولا شفقة، أنهم مؤسسات الفساد المنظم الذي يسند بعضهم الآخر ويؤازره ويحميه، وهؤلاء نختصرهم في ثلاثة أصناف الأول صالح وطاقمه وتنظيمه السياسي، والثاني على محسن وفرقته الأولى مدرع وحزب الإصلاح الذي هو قائده الفعلي في الخفاء وقائد جناحه العسكري (المليشيات وتنظيم القاعدة)، والصنف الثالث مراكز القوى القبلية التي لا تريد دولة مؤسسات حتى لا يضيع دورها وهيبتها ونفوذها وتسلطها باعتبارها صاحب الكلمة الفصل، وإذا ما ألقينا نظرة على مؤتمر حوار صنعاء نجد أن كل هذه الأصناف الثلاثة التي كانت هي سبب تخلف البلد وسبب مشاكله والتي لولاها لكان اليمن في أحسن حال ولا يقل رخاء عن أي دولة خليجية من دول الجوار، فكيف لي ولغيري وهو يرى مؤتمر الحوار المتأمل منه الحل لمشاكل البلاد أطرافه الفاعلة هم هذه الأصناف الثلاثة.. لذا صبراً أيها الشعب المسكين فلم يحن وقت الخلاص بعد ممن أوصلوك إلى هذه المنزلة المتردية، ولا تأمل خيراً من مؤتمر حوار صنعاء لأن جلاديك في الماضي والحاضر هم أنفسهم من يتحاورون فيما بينهم ولمصالحهم باسمك لكي يحكموك في المستقبل فهل ترضى؟.