طيلة عامين خلت وأنا أراقب نشاط حزب الإصلاح "جناح تنظيم الإخوان فرع اليمن" ولم أجد شبيها له في مواقفه المتقلبة ومداهناته وتعاملاته المريبة وكذا حيله ومؤامراته أكانت تجاه التحالف العربي أم تجاه شرعية الرئيس هادي ذاته في صورة لا مثيل لها إلا صورة ذلك المراوغ الذي يتدثر بالكذب ويلتحف الخداع فيتخذهما سلاحا لتغطية عجزه وفشله ، صورة تستحضر معها قول الشاعر صالح عبدالقدوس : " يعطيك من طرف اللسان حلاوة ، ويروغ منك كما يروغ الثعلب " .
فهذا الحزب ومن خلفه زعيمه الفعلي الخفي علي محسن زعيم تنظيم المجاهدين الإرهابي " القاعدة وانصار الشريعة " ظلوا على مدار عامين على الإنقلاب على شرعية الرئيس هادي وهم يراوحون في أماكنهم ولم يقدموا شيئا يذكر إلا الفشل وخدمة إخوانهم الإنقلابيين في صنعاء ليستمروا ويستمر الإنقلاب ومعه يستمر استثمار حزب إخوان اليمن "الإصلاح" ومن دار في فلكهم لهذه الحرب لصالحه فهو لا يمكنه البقاء والحياة إلا في ظل الأزمات والحروب تطبيقا للمثل القائل مصائب قوم عند قوم فوائد ، فالإصلاح عموما كحزب هو عنوان فشل أينما حل وارتحل ، وهو حزب غير صادق فيما يتشدق به ويدعيه وإن حاول تغطية ذلك برداء الدين ليخدع بعض الناس ، وأعضاؤه ضوضائيون وأنانيون بطبعهم يفضلون حب الذات ويؤثرون ذلك ، فلا يبصرون غيرهم ، يكرهون التضحية بانفسهم ويفضلونها لغيرهم يترقبون ويرصدون ساعة النصر فيخطفونه ممن حققه وينسبونه لهم ، هذه هي حقيقتهم التي عليها جبلوا وتربوا ونشأوا وما ثورات الربيع العربي إلا خير شاهد على أنانيتهم تلك وإقصائهم لشركائهم الفعليين ممن قاموا بإشعال تلك الثورات واستحوذوا هم وحدهم فقط على كل شيء بل وتنكروا وانكروا غيرهم فاوقعهم الله في شر أعمالهم وفضحهم في مجتمعاتهم شر فضيحة ، فخسروا كل شيء بسبب أنانيتهم تلك وعدم قبولهم الآخر .
ولأن حزب الإصلاح في اليمن هو صورة طبق الأصل من التنظيم الإرهابي العالمي " الإخوان المتأسلمين " فهو كذلك قد أجهض بأنانيته وغبائه ومؤامراته ثورة الشباب حين انضم إليها ومعه العجوز علي تبة وحميد صندقة فانحرفوا بمسار تلك الثورة ووجهوا بوصلتها لخدمة المركز الزيدي المقدس الذي ينتمون له والتي جاءت تلك الثورة للتحرر من هيمنته وسطوته وقد نجحوا في إجهاض تلك الثورة وتطويعها لمصلحة مراكز قوى المركز الزيدي المقدس فاعطوا للمخلوع حصانة ومزايا ماكان يحلم بها لولا وجود ومشاركة علي محسن والإصلاح في الثورة الشبابية التي أخدجت ولعل افضل ما يحسب لتلك الثورة إيجابا هو وصول الرئيس هادي إلى سدة الحكم والذي عمل ولا يزال يعمل على تصحيح مسار ثورة الشباب وتحقيق بعض أهدافها وهو ما لم يعجب المركز الزيدي المقدس فرأى في الرئيس هادي خطرا محدقا لابد من إيقافه فاوكل الأمر لحزب الإصلاح وعلي محسن لعرقلة مسيرة هادي . ولهذا بدأوا يرتبون انفسهم في مأرب سيما بعد هزيمة المد الشيعي الحوثي ومليشيات الحرس العائلي للمخلوع في الجنوب .
وهناك في مأرب بدأوا فصول مسرحيتهم الهزلية فنذروا أنفسهم لاستنزاف التحالف العربي مالا وعتادا وعدة وتسخيره لخدمة بقاء ذلك المركز الزيدي والذي يشكل حزب الإصلاح وقياداته الزيدية كما أسلفت أحد أركانه وركائزه ، ولا زالوا مستمرين باستنزاف التحالف طيلة عامين وحتى اليوم دون أن يحققوا تقدما أو نصرا حقيقيا يذكر على الأرض في كل الجبهات التي صدعوا رؤوسنا عبر أبواق إعلامهم بتواجدهم فيها كذبا وزورا .
الم أقل لكم ان هذا الحزب هو عنوان فشل ، وإنه لولا مساعدته لإخوانه المخلوع والحوثي ومليشياتهما لسقط الانقلاب منذ وقت طويل ، فقد كانت تلك المساعدات الخفية للإنقلابيين سببا في إطالة أمد الحرب وأبقت الإنقلاب حتى اللحظة ، تلك المساعدات التي كانت تنطلق بشكل رئيسي من معسكرات المقدشي في مأرب والجوف ومعسكرات الحليلي وهاشم الاحمر وكذا معسكرات موالية لمحسن وحزب الإصلاح في تعز عبر مقاومة صورية ديكورية كان بطلها المهرج والأراجوز حمود المخلافي الذي بمجرد ان انتهى دوره تم الاستغناء عنه ونفيه إلى تركيا ليكمل ثرثراته هناك على ضفاف خليج الباسفور .
لقد نجح حزب الإصلاح والعجوز على محسن في دعم الإنقلاب وبصور شتى لوجستيا وعسكريا وماليا ومن تلك الصور ترك السلاح والعتاد في مواقع متقدمة ليستولي عليها الانقلابيون بعد ذلك في يسر وسهولة ، وكذا تحريك أذرعهم الإرهابية المتمثلة في القاعدة وانصار الشريعة لتضرب في العمق الجنوبي وخلف خطوط التحالف لعرقلة وإرباك تقدم قوات التحالف العربي في المخاء وصعدة ، وكذلك مساعدة الانقلاب إعلاميا من خلال تصوير إعلام حزب الإصلاح معارك وهمية لا وجود لها على أرض الواقع هدفها التشويش والتدليس على الرأي العام المحلي والإقليمي والدولي مما أعطى صورة عكسية وغير حقيقية عن قوة الإنقلاب وانه لا يمكن لهم هزيمة الإنقلابيين والانتصار عليهم أبدا والهدف من كل ذلك هو فرض التسوية السياسية وإخراج الرئيس هادي من المشهد القادم لتبقى فيه فقط أركان العصابة الزيدية " المخلوع والحوثي والإصلاح " لضمان هيمنتهم على الحكم في اليمن ، مع أن الإنقلاب في أوهن صورة وأضعف حالا ، ولولا الإصلاح وإعلامه المأزوم والعجوز محسن ومساعدات قوات المتحوث المقدشي والحليلي وهاشم الأحمر للانقلابيين لما استمر الإنقلاب له وجود إلى اليوم .
إن حزب الإصلاح الذي يمثل ركيزة أساسية للمركز الزيدي المقدس لا يريد لذلك المركز أن يسقط لمصلحة غير الزيود ، فهم يفضلون الحل السياسي على الخيار العسكري لإنهاء الحرب لتبقى أقطاب ذلك المركز في المشهد السياسي القادم ، فهم يخافون ذهاب السلطة إلى غيرهم من شوافع الشمال أو ما يعرف باليمن الأسفل او أن تذهب لمصلحة الجنوب والرئيس هادي وهذا وفقا لأدبيات هذا المركز الزيدي يعد من المحظورات بل والمحرمات .
ولذا يختلق حزب الإصلاح والعجوز محسن الأكاذيب والأعذار الواهية لتبرير فشلهم وعجزهم عن إقتحام صنعاء فتارة يقولون إن أمريكا ودولا غربية منعتهم من ذلك وان صنعاء خط أحمر ، وتارة أخرى يدعون انهم لن يقاتلوا أخوانهم الحوثي والمخلوع إلا بتقديم التحالف العربي ضمانات بعدم انفصال الجنوب وغير ذلك من ترهاتهم وألاعيبهم المعهودة .
والحقيقة أنهم لا يتمنون إقتحام صنعاء وإنهاء الانقلاب أبدا ، لماذا ؟
لأن في ذلك خسارة لهم سياسيا وعسكريا وماليا كمراكز قوى زيدية ، لذا يحاولون إطالة أمد الحرب ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا واستثمار هذه الحرب لصالحهم على الوجه الذي أرادوه وخططوا له واتفقوا عليه مع إخوانهم الإنقلابيين وقد نجحوا في ذلك فقد حصدوا من التحالف العربي الأموال الطائلة والأسلحة والعتاد الكثير وقاموا بتكديسها في مأرب ليوم مرتقب لديهم قد أعدوا له عدته ، وأن أخشى ما أخشاه أن يستخدم غدا هذا المال والسلاح والعتاد الخليجي لمحاربة التحالف العربي ، فكل شيء وارد وغير مستبعد من حزب الإصلاح الذي احترف اللصوصية وتاجر بالخيانة ونمت مكانته وذاع صيته بالإرهاب وعمليات القتل والمفخخات .
د. عبدالله محمد الجعري