تذكرت قبل أن اخط كلمات مقالي هذا عن سفارة اليمن بمصر فيلم الفنان المبدع عادل إمام "السفارة في العمارة" ذو البعد السياسي فاحببت ان يكون مقالي هذا قريبا من حيث البعد السياسي والمحتوى فهما معا تدور احداثهما على أرض مصر الكنانة مع فارق في التسمية والوقائع والاحداث وشخوص الأحداث وإنتمائها لبلدين هما مصر في أحداث فيلم السفارة في العمارة واليمن بالنسبة لأحداث مقالي هذا والذي أحببت الولوج فيه اكثر لما يعتمل في سفارة اليمن بمصر وتناولها بشكل أدق ونقل أجزاء من الصورة اليومية المعتمة في سفارتنا اليمنية بمصر والتي أول ما تدلف إليها من بوابتها الرئيسية وتجد نفسك في ردهتها ينتابك شعور غريب وعجيب وكانك تتجول في بقالة لا سفارة ، فلا يشعر المواطن اليمني بداخلها بأي قيمة واحترام وتقدير مهما كانت صفة من يدخلها سواء كان مسؤولا أو كادرا أو أكاديميا ، فأصغر موظف في سفارتنا المبجلة أو بقالتنا لن يعير هذا الداخل إليها أي تقدير بخلاف ما هو معمول به في سفارات الدول الأخرى التي تشعر مواطنيها مهما كانت مراكزهم أنهم على قدر من الإهتمام وتسعى جاهدة في خدمتهم وتذليل كل الصعاب التي تعترضهم وتقدم المساعدات لهم ، أما البقالة اليمنية " أو السفارة " فتشعرك بأنك زبون جاء إليها فتسعى لاستنزاف ما لديه من نقود ، فكل وثيقة مهما كانت يجب ان يدفع المواطن اليمني مقابلا لاستخراجها أو ختمها ، فعلى سبيل المثال الخطابات بشأن قبول أبناء اليمنيين الموجهة من السفارة للإدارات التعليمية بمدارس محافظات مصر يدفع صاحبها مقابلا لها عشرين جنيها بدون أي سند دفع رسمي ، واما ختم شهادات الخريجين من الجامعات والمعاهد المصرية فرسومها على كل شهادة 120 جنيها وبطريقة غير قانونية وبدون سندات دفع رسمية في حين رسمها في الخارجية المصرية 11 جنيها فقط بسند دفع رسمي ، والحال كذلك عند ذهاب المواطن اليمني لتمديد جواز سفره لمدة عامين في حالة إنتهائه يدفع 300 جنيها بدون سند أيضا ...ووووو غيرها كثير .
المهم أنك تدخل كمواطن عامر الجيب تريد قضاء معاملاتك وتخرج وانت خالي الوفاض صفر اليدين تم تشليحك وكانك خرجت من ورشة سيارات .
وتعد هذه الأمور التي تتم في بقالة اليمن بمصر "اقصد سفارة" لا نظير لها في سفارات العالم المحترم أبدا ، فلم نسمع عن سفارة تشحت من مواطنيها نقودا عن معاملاتهم البسيطة الروتينية او ختم وثائقهم إلا سفارة اليمن أو بقالتها الموقرة . أما إذا لك حق لدى تلك السفارة البقالة وتطالبها بالمساعدة ، فإنك ستجد منها أذنا من طين وأذنا من عجين على قول حبايبنا المصريين ، فذاك حلم مستبعد بل وبعيد المنال . وأنا هنا لا اتجنى بهذا على تلك السفارة البقالة في هذا الأمر فهذه أمور معروفة ويعاني منها كل يمني ويلمسها واقعا حيا ومشاهدا كل من تعامل مع تلك المسماة سفارة . وساضرب لكم هنا مثالا واحدا فقط لذلك وهو معاناة طلاب اليمن المبتعثين للدراسة بمصر والذين انهوا دراستهم وعلقوا بسبب عدم قدرتهم على العودة للوطن بإيقاف تذاكر العودة عنهم ، فلم تسع سفارتنا المبجلة تلك لإيجاد مخرج وحل لمشكلة هؤلاء العالقين حتى اللحظة ولم تحرك ساكنا مع أن هذا يدخل في صلب واجباتها تجاه رعاياها ، وحتى حين تدخل رئيس الحكومة مشكورا ووجه بترحيلهم عملت تلك السفارة على المماطلة وعرقلة وتأخير ترحيل هؤلاء والذي مضى على توجيهات رئيس الحكومة لتلك السفارة المصون أكثر من شهر ولكن دون فائدة تذكر ، وهاهو العيد يهل وهم كل يوم في خبر جديد مرة السفير المبجل لم يحضر ومرة السفير سيدعوا طيران اليمنية لإجتماع وتارة السفير مسافر وهكذا تتنوع وتتجدد مواعيد عرقوب كل يوم ولا أمل يلوح في الأفق ، لدرجة اعتقدت معها في نفسي أن كثيرا من المواطنين لا يعرفون حتى صورة السفير المبجل لعدم تواجده في البقالة اليمنية وانضباطه في مكتبه بركن بقالته تلك تاركا إياها خاوية على عروشها لمن ليس لها أهل .
أخيرا ، اقتنعت أن سفارة اليمن بمصر أو بالأصح بقالة اليمن ينقصها فقط أن تفتح لها بداخلها كافتيريا للمشروبات والسندويتشات ومطعم يمني ينافس المطعم اليمني الموجود بالدقي أو بشارع جامعة الدول العربية وبهذا تكتمل الرصة والتشليح للمواطن الغلبان .
ختاما ، إذا لم تستح فاصنع ما شئت كلامي لك ايتها البقالة في السفارة .