حتى لا يَعض الجنوبيون أصابع الندم مرة أخرى.

2017-07-06 11:10

 

الشعوب التي لا تأخذ العِبر من تاريخها ولا تستفيد منه يمكن بسهولة التلاعب بمصيرها أكثر من غيرها.

يمر شعب الجنوب حاليا بمرحلة فاصلة في تاريخه منذ العام 1967م أي منذ يوم الاستقلال و التي تعرض فيها لكثير من النكبات نتيجة للطريقة الخطأ التي أدارت بها الجماعات التي حكمت خلال خمسين عام حتى أوصلنا الى ما نحن عليه اليوم.

قراءة أولية لتسلسل الأحداث منذ قبيل ما قبل الاستقلال وما بعده يتضح لنا أن أحد أهم عوامل التدمير الذاتي للطاقات الجنوبية هو عدم إدارة الصراعات والخصومات وفق لقول الإمام الشافعي : رأيي صواب يحتمل الخطأ ، ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب.

لا أريد هنا أن استعرض كل الأحداث التي أسست لما نحن عليه و لكن لا بد أن أعرّج على بعض منها.

اليوم و عندما نستذكر تلك الأحداث نشعر بحجم ومدى الجرائم الكبيرة التي أرتكبت بحق هذا الشعب والوطن من قبل كل من تمكن من مسك زمام الأمور حكاما ومن قبلها.

فمن إغتيال علي حسين القاضي الزعيم النقابي وعبدالله عبدالمجيد السلفي وتفجير أبناء المكاوي الثلاثة إلى حرب الجبهتين (القومية والتحرير) قبيل الاستقلال والتي بعدها تم إقصاء أول فئة كبيرة من ابناء الجنوب الى مرحلة ما بعد الاستقلال الذي شهد صراع مؤتمر زنجبار مار 1968م وانقلاب 22 يونيو 1969م واغتيال فيصل الشعبي سجينا ثم سلسلة ما جرى إغتيالات من قبل زوار الفجر إلى حكم الإعدام على سالمين يونيو 1978م حتى وصلنا 1986م .

اليوم الكل يعض أصابع الندم على كل هذه الأخطاء بل يمكن تسميتها بـ الجرائم في حق شعبنا ولكن قليل هم من يدركون السبب الحقيقي زيادة على يمننة الجنوب لكل تلك الجرائم وهو غياب احترام حق الاختلاف و عدم اعتبار الآراء المختلفة هي اجتهادات بشرية تقبل الخطأ والصواب.

كان يمكن أن تكون تلك الآراء كلها باحثة عن الطريق الأمثل لشعبنا الجنوبي للوصول به الى تحقيق غاياته و تكون مصوبة لخطأ ما أو مدعمة لإنجاز معين، وكل ذلك كان يمكن أن يتم دون إقصاء أو تخوين.

إن ما نطالعه اليوم على مواقع التواصل الاجتماعي من تجريح أو سخرية أو استصغار أو تحقير للغير أو حتى المساس بالجانب الشخصي أو الخاص على أسس جهوية وقبلية ومناطقية لدى من يختلفون حول مواقف سياسية لا يعكس إلا ضيق أفق وأن من يقوم بهذا في الغالب هم أما صبية يجهلون تجارب الماضي و لا يدركون خطورة الكلمات التي يلقونها بكل بساطة أو أناس مسخرين لإحداث فتن جديدة بين الجنوبيين.

الحرية مهما كانت يجب أن تكون حرية ملتزمة أخلاقيا و وطنيا و أن لا تتجاوز حدود المسموح في الإساءة لمن نختلف معهم مهما كانوا، أو كان نوع الخطأ. ولا يُتقبل أبداً فرض الرأي من قبل طرف على حساب مجموع باقي الأطراف ، وكأنني به يقول أنا فقط من يدرك الأمور وغيري على خطأ أو غير مؤهل ليكون له موقع هنا أو رأي هناك فهذا هو طريق الهلاك الجديد الذي سيدخلنا في أتون صراعات هذه المرة ستدمر ما تبقى من بقايا مجتمع جنوبي لتنقلنا إلى الفوضى التي لا عودة بعدها

 

*- د حسين لقور بن عيدان – أكاديمي وباحث سياسي