للأمانة لم أقرأ التقرير الذي قدّمه وفد الشرعية في جنيف، ولكن قرأت أخبار متواترة عنه من هنا وهناك. الموضوعية تستدعي أن نقرأ التقرير كاملاً ثم نقول ملاحظاتنا حول مضمونه، ولهذا سأوجل أي ملاحظات عن التقرير نفسه لحين يتسنى لنا قراءته، وسأضع بعض الملاحظات السريعة حول الزوبعة التي أثيرت حوله ( وقد تريثت بالكتابة عن الموضوع أملاً في الحصول على التقرير):
- التقرير سيتم تقديمه إلى مجموعة من الخبراء الدوليين واللجان المتخصصة بحقوق الإنسان في مناطق الصراع والحروب، وهذه اللجنة بحكم تخصصها لا يمكن الضحك عليها بأي معلومات يتم تزويدها بها. فأولاً يتم تقييم الحالة المنظورة بناء على قائمة الانتهاكات الأكثر ضرراً: القتل، السحل، ضرب المدنيين بالسلاح الثقيل، تدمير الممتلكات الخاصة، التعذيب، التهجير والتشريد، وفي النهاية استفزاز مواطن في نقطة أمنية.
لهذا من السهل على اللجنة إدراك حجم التضليل في التقرير عندما يتم فرد مساحة شاسعة من التقرير للحديث عن استفزاز مواطنين في نقطة أمنية بينما يتم التستر أو تجاهل حوادث القتل والسحل اليومية، ومن السهولة اكتشاف الدوافع السياسة للتقرير، وبالتالي سيتحول التقرير إلى فضيحة كبيرة في الوسط الحقوقي المعني بالأمر، وسيفقد الفريق على إثره أي مصداقية.
- لو افترضنا أن الانتهاكات التي قيل أن التقرير أولى اهتمامه لها كانت هي الوحيدة، بمعنى أن البلد لا تمر بحالة حرب قذرة، فإنه وبموجب لوائح عمل اللجان المختصة فالحاجة ضرورية إلى إجراء تحقيق محايد للتأكد من صحة ودقة المعلومات المقدمة قبل اصدار أي حكم
- العالم في الوقت الراهن لم يعد يولي أدنى اهتمام للقضايا الحقوقية، وللأسف الشديد، وما يحصل من كوارث في سوريا والعراق تشيب منها الولدان خير مثال على هذا التوجه، والدول الفاعلة باتت تبحث عن "طرف قوي" يستطيع أن يقوم بالمهام والتحديات الأمنية، فعلى الرغم من المجازر التي ارتكبها بشار والحكومة العراقية السابقة ومليشيات صالح والحوثي، إلا أن العالم ما زال يتعامل مع كل هذه الأطراف كشريك أساسي في المرحلة الحالية والقادمة.
تقديم معلومات مضللة سيضع أصحابها في موقف محرج قبل أي طرف آخر، وسينزع عنهم المصداقية، ومن الصعب أن يتم توظيف مثل هذا "اللعب الطفولي" لصالح أهداف سياسية رخيصة في ظل الأوضاع التي تمر فيها البلد. لكن ما يتوجب علينا أن نقلق بشأنه بالفعل في هذه المناسبة هو وجود انتهاكات حقيقية، ومن أي شكلٍ أو درجة كانت، وأن نسعى لإدانتها ومنعها، وعدم تكرارها، لأن هذا أكثر ما يسيء إلينا حاضراً ومستقبلاً.
آمين اليافعي