عن لقاء بحاح في برلين

2016-11-05 05:58

 

حضرنا يوم الأربعاء الماضي لقاءً مفتوحاً مع الأستاذ خالد بحاح، تحدث فيه عن مساعيه لإحلال السلام، وإغاثة المناطق التي تمر بظروف قاسية، وكيفية انتشال الاوضاع الاقتصادية المتردية بأسوأ ما يكون عليه الحال، والتي تُوشك خلال الشهور القليلة القادمة ان تتحول إلى كارثة إنسانية مهولة.

في اللقاء تحدث عن رؤيته للسلام الشامل والذي يضمن طريقاً للخروج من دورة الصراعات المنتظمة التي طحنت الجنوب والشمال على السواء في العقود الأخيرة، وفي سياق ذلك انتقد نزعة الشيطنة التامة والتصفية ـ المعنوية والمادية ـ الذي تعرضت لها النخب السياسية السابقة من قِبل النخب السياسية التالية لها، وكان عبورها السلطوي قد جاء عن طريق دورة صراعية عنيفة.

 

وكنتيجة منطقية تقول بأنه لا يمكن الحصول على النتائج المنشودة من خلال المعطيات السابقة ذاتها، دعا إلى التحرر من هذه النزعة السلبية المهيمنة، والتعامل مع كل من سبق وفق منظور جديد يهدف إلى "تكريمهم من خلال اعطاءهم فرصة للراحة من مناصبهم ومسئولياتهم" دون الحاجة إلى التجريح والاستفزاز، على أن يتحلى هؤلاء بالإيجابية تجاه فرصة التكريم، وعملية الانتقال، وهو أمر ليس بالسهل في وضع كاليمن

كان هنا يتحدث عن نزعات الصراع المهيمنة على النخب السياسية في التاريخ المعاصر بشكلٍ عام، وفي أثناء الحديث، وعلى سبيل المثال، أشار إلى الخطأ الذي وقعت فيه حكومة باسندوة عندما هيمن عليها الهوس بشيطنة صالح ونظامه، وهو كان شريك معها في الحكم، بينما اهملت كلياً مسئولياتها وواجباتها التي يفترض أن تقوم بها على أكمل وجه، وكانت أبلغ رد على صالح وسوءه. معتبراً مثل هذا السلوك الاستفزازي أحد الأسباب الرئيسية التي قادتنا إلى كل ما نحن فيه من دمار وحروب.

 

طبعاً الدعوة إلى السلام لا تُعجب حزب الإصلاح، بشكلٍ عامٍ، والنقطة الأخيرة بخصوص سلوك حكومة باسندوة استفزت بعضاً من ناشيطهم، فسارع على إثرها صحفي إصلاحي، لم يحضر اللقاء، إلى تحريف الحديث، وليقول أشياء لم يقلها الأستاذ بحاح على الإطلاق، كالدعوة مثلاً إلى الاعتذار لصالح ونظامه.

بالطبع أنا لا ادافع هنا عن بحاح، وهو وحده القادر والمعني أولاً وأخيراً بالدفاع عن وجهة نظره وتوضيحها، وإنما كان علي أن أقول ما سمعته بخصوص هذه النقطة المثيرة للجدل باعتباري واحداً من الحاضرين.

 

شخصياً أختلف مع رؤية بحاح في نقاط كثيرة، واختلف معه في موضوع "التكريم"، حسب تحديده له، أي إبعاد السيئين عن المناصب دون الحاجة إلى شيطنتهم. ولستُ بالطبع من أنصار الشيطنة الإعلامية الفارغة، أو التصفية وكما جرت في التاريخ اليمني المعاصر، لكني لن اتوان لحظة واحدة عن المطالبة بإجراء محاكمة عادلة لكل اولئك الذين اشتركوا في ارتكاب جرائم ضد المدنيين والأبرياء.

على أي حال، طالما وعفاش يستفز الإصلاحيين إلى هذه الدرجة، فقط أرجو منهم أن يشيحوا عن ذاكرتنا صدأ النسيان بتذكيرنا بأولئك النفر الذين أعادوا هذا المجرم إلى الواجهة، وقاموا بتكريمه بـ"حصانة" خالدة، وهي أرفع وأجل أنواع التكريم على الإطلاق، أرجو منهم تذكيرنا بهؤلاء الذين اقدموا على ارتكاب حماقة لن تُنسى، ولن تُغتفر، لأن الذاكرة باتت تخوننا ولم نعد بقادرين على تذكر أيّاً منهم!

 

على إن أكثر ما أخشاه هو أن يَصِل الأمر إلى أكبر من ذلك، فالأخبار المتواترة تفيد بأن أنصار عفاش يحرضونه هذه الأيام على اقتراف حماقة مدوية بتفعيل عضويته في حزب الإصلاح تيمناً بما قام به أخوه "غير الشقيق" علي محسن الأحمر قبل بضعة أيام بتفعيل عضويته الخالده في حزب المؤتمر... فماذا هم فاعلون يا تُرى عندما يُصبح عفاش عضواً فاعلاً في حزبهم، وربما لا أستبعد أن يلحقه أيضاً عبدالملك الحوثي ليكتمل انتظام حبات العقد الثمين!!!