على الجنوبيين الاستعداد الكامل لمرحلة ما بعد هادي التي تبدو وشيكة، وليتركوا الآن كل مواقفهم، مشاعرهم، حماستهم أو تحفاظاتهم على الرجل جانباً، فهذه الأمور يجب ألا تأخذ حيزاً كبيراً في اهتمامهم منذ الآن، فهناك أمورٌ أخرى ذات أولوية قصوى ولا بُد من القيام بها.
هادي جاء وفقاً لرغبة دولية خالصة، والتزكية التي تحصل عليها في "انتخابات المرشح الوحيد" كانت أقرب إلى إسكتش مسرحي لإخراج هذه الرغبة بأفضل صورة ممكنة في ظل صعوبات الواقع وتعقيداته.
لكن منذ فترة تغيرت هذه الرغبة كلياً، ومن يتابع المقالات والتقارير التي تصدر عن منظمات دولية أو مؤسسات ومراكز وصحف غربية يلاحظ نقد حاد يوجّه للرئيس هادي على وجه التحديد، وقد تصاعد هذه النقد بقوة بعد تعيينه علي محسن الأحمر نائباً له.
ولعل الجميع يعلم عن وجود توجه دولي سابق هدف إلى تصفية الجنرال العجوز صاحب السجل السيء المهول، حتى أن بعضاً من الأبواق الإعلامية الكبيرة التي تتبع هذا العجوز لم تتوان عن اتهام الرئيس هادي نفسه بالاشتراك في تنفيذ هذه المؤامر، وبكل صراحة ووضوح.
المضحك في الأمر أن علي محسن كان سبّاقاً بالمبادرة إلى ترتيب أموره استعداداً لمرحلة ما بعد هادي، وربما قد يبقى هادي وحيداً في أخر المطاف يتلقى اللوم والشتائم من جميع الأطراف وتلاحقه اللعنات على أخطاء كل ما مضى، وأخشى أن يُساق إلى محاكمة ككبش فداء!
ضعف الشرعية وأخطائها وقصر نظرها وغبائها قد مكّن أطراف دولية عديدة من إزاحة جرائم الطرف الانقلابي عن واجه اللوم والتقريع، ولتستفرد هي وحدها في الواجهة، وقد أصبح الدفاع عن موقفها أمام الرأي العام العالمي في منتهى الصعوبة والحرج.
أما ما تحمله الأيام القادمة قد يكون صعباً. صحيح أن المركز المقدس الذي يُبادر دوماً إلى شن العدوان على الآخرين في وضعيةٍ أضعفٍ، خصوصاً شقّه الانقلابي، لكن هذا الضعف يجري تعويضه في جيوش علي محسن والمقدشي وهاشم الأحمر التي تبدو كسياجات متينة تعمل على حماية حدود هذا المركز أكثر من أي شيءٍ آخر.