رافضي ناصبي !

2015-12-17 05:05

 

 

الحمد لله

 

كثر التنابز بالألقاب في عصرنا إلى درجة لا تُحتمل، وأصبحت المناسبات الشريفة مسرحًا للبذاءات السخيفة، وتجرأ بَعضُنَا على البعض بالسب والقذف، وأضعنا فريضة التَثَبُّت فأصبح إطلاق التهم ديدنًا، وصار الأخذ بالظن مهيمنًا.

 

فمن ذكر آل البيت المطهرين عليهم السلام بخير؛ تسارعت إليه أصابع الاتهام بالرفض، ومن عرف فضل سادتنا الصحابة رضي الله عنهم أصبح عند الطرف الثاني ناصبيًا.

 

وقد نفد صبر الإمام الشافعي رحمه الله من هذا الهراء الذي لم يسلم هو منه على جلالة قدره وعظيم مكانته فضج في وجوه من كانوا يتهمونه بالرفض لعظيم محبته لآل البيت قائلا:

 

إنْ كانَ رَفضًا حُبُّ آلِ مُحمدٍ..

 

فَلْيشْهَدِ الثَقَلانِ أنّي رافضي |

 

وكما هو شأن من سلكوا مسلك الرشد فعرفوا الفضل لآل البيت عليهم السلام وللصحابة رضي الله عنهم وذاقت أرواحهم شَهدَ محبتهم جميعًا محبةً لمن صحبوه ومن كانوا آل بيته ﷺ فقد كان الإمام الشافعي يُصرِّح بالفضل لأهله ويُظهر محبته لسادتنا أجمعين،

 

غير أن هذا لم يَرُقْ للغُلاة المتطرفين فاتهمه فريق بالرفض واتهمه فريق آخر بالنصب!

 

والرافضي هو: من حمله بُغضُ الشيخين الجليلين سيدنا أبي بكر وسيدنا عمر رضي الله عنهما على سبِّهما والتطاول عليهما والعياذ بالله من ذلك.

 

والناصبي هو: من حمله بغض آل البيت عليهم السلام على التطاول عليهم ومناصبتهم العداء.

 

ومن عجائب فقد البصيرة لدى الحسود وكذلك المتطرف الوقوع في التناقض الفاضح؛ فيسوغ لكل منهما إطلاق التهمة وضدها على نفس الشخص!

 

فما كان من الإمام الشافعي إلا أن أظهر سُخْف التطرّف والمتطرفين معلنًا ثباته على الإقرار بفضل أبي بكر وعلي رضي الله عنهما فقال:

 

إذا نحنُ فَضَّلنا عليًّا فإننا..

 

روافضُ بالتفضيلِ عندَ ذوي الجهلِ |

 

وفضلُ أبي بكرٍ إذا ما ذكرتُهُ..

 

رُميتُ بِنَصبٍ عندَ ذِكْريَ للفضلِ |

 

فلا زلتُ ذا رفضٍ ونصبٍ كلاهما..

 

بحُبيهما حتى أُوَسدَ في الرملِ |

 

والأمر هنا لا يتعلق باجترار معارك التاريخ وخصوماته فحسب؛ بل هو متعلق بنفسية التطرّف المريضة التي نعاني الأمرين من تفشِّي عدواها وانتشار وبائِها في عصرنا مما تسبب في استمرار تخلّفنا، وإغراقنا في الفتن وإراقة الدماء، وجعلنا أضحوكة بين الأمم وأُلعوبة بأيدي ساستها، والله المستعان.

 

اللهم ألهمنا الرشد ونجنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن.