الحمد لله
منذ أكثر من عشر سنوات ونحن نُحذر من خطر تلاعب التنظيمات السياسية التي تعمل باسم الإسلام بالتوازن المذهبي والطائفي في المنطقة، ومحاولة توظيف ذلك ضمن معاركهم السياسية.
وحذرنا من خطورة عمل النظام الإيراني والتنظيمات الموالية له على وما يُسمونه "تصدير الثورة"، وتحويل المناطق السنية إلى شيعية تحت شعار نشر "مذهب آل البيت" عليهم السلام في المناطق السنية بقوة المال والتنظيم.
قلنا أن إصرار الإخوان ومتطرفي السلفية على محاربة الزيدية وانتزاع مساجدهم منهم وغرس مدارس مناوءة لهم في مناطقهم كصعدة وذمار وصنعاء سوف يؤدي إلى كوارث.
وقلنا أن دعم عدد من دول شبه الجزيرة العربية لهذا التوسع الاخواني السلفي في المناطق الزيدية خطر على الجميع.
ونبهنا إلى ضرورة احتواء الشيعة العرب الذين في شِبه الجزيرة العربية، واحترام خصوصياتهم المذهبية، وعدم التساهل مع الخطاب التكفيري الذي يوجه نحوهم في الاعلام والمساجد ومقررات التربية الدينية في المدارس، وأن ذلك سوف يجعلهم لقمة سائغة لاستغلال النظام الإيراني لقلقهم؛ عندما يهتز شعورهم بالأمان، ويتكرر إنتهاك حقهم في احترام خياراتهم المذهبية في أوطانهم، وأن هذا سوف يدفع بشرائح منهم إلى ترجيح الانتماء الطائفي على الانتماء للوطن حين لا يشعرون بالأمان والمساواة فيه.
وتوجهنا بالنصح نحو الحوثيين عندما بدأ تكرر التعديات عليهم يدفع بهم نحو التحول من حركة علمية زيدية إلى تنظيم سياسي يحمل رؤية توسعية في السيطرة على محافظات اليمن، ويصل إلى درجة تجاوز المناطق الزيدية نحو المناطق الشافعية، ثم الاعتداء على الجنوب وضرب عدن واستهداف المدنيين من أهلها.
كما أكدنا مرارا على خطورة تحالفهم مع النظام الإيراني على اليمن، وأنه نظام لا يُخفي أطماعه السياسية في المنطقة، وهو لا يزال يحتل الجزر الإماراتية، ويصرح عدد من مسؤوليه بتبعية البحرين لهم، ولا يزال أحد الشوارع العامة في طهران يحمل اسم الإسلامبولي قاتل الرئيس السادات.
وقلنا بأن هذا التحالف الحوثي الإيراني سوف يجر البلاد نحو حرب إقليمية يدفع اليمن ثمنها من دماء أبنائه.
وقد حذرنا من ذلك قُبيل الحرب، وفي بدايتها، ونبّهنا على أن استهداف الجنوب وتدمير عدن لن يمر دون دفع أثمان غالية.
وحذرنا من نظائر ذلك في العراق وسوريا، ونادينا عقلاء الطوائف بأن يأخذ كل منهم على أيدي متطرفيهم ويوقفوهم عند حدهم، لا أن يشتغل كل منهم بمتطرفي الطائفة الأخرى ويترك متطرفيه وشأنهم.
ولكن أَخَذات الهوى، والاستسلام للغضب، واستمالة الأطماع أصحابها؛ تذهب بلب اللبيب، وتدفع به نحو حتفه مصطحبا معه الأبرياء ممن لا ناقة لهم ولا جمل.
وكتابة هذه الأسطر ليست مجرد لوم أو تبكيت، بل هي تنبيه وتحذير؛ تنبيه إلى الاستفادة من أخطاء الماضي في معالجة الحاضر والإعداد للمستقبل، وتحذير من تجاهله، فإن من لا يستفيد من أخطاء الأمس سوف يستمر في تكرارها مع ما تجلبه
من المصائب والعياذ بالله.
وإلى الله المُشتكى، ومنه الفرج والعون، وإياه لا سواه نسأل، وبه نستغيث في دفع البلاء، وتفريج الكروب، وإعادة الرشد إلى العقول، وتطهير النفوس، وتنوير البصائر، إنه ولي ذلك والقادر عليه.