حصاد ثورة اليمن وفسحة الربيع العربي

2015-03-07 18:08

 

على غرار أضمحلال صورة القادة الذين غرقوا في جحيم الاستبداد يمكن القول أن المخلوع علي عبدالله صالح ليس وحده صاحب نظام التوتاليتاري الذي يختلق الأكذوبة ويصدقها ويبني حساباته عليها فهناك غيره كثيرون صدّقوا أنهم زعماء وأبطال فيعتقدون أن جوقة التمجيد واللصوص التي تلتف حولهم وتُسبّح بحمدهم وتهتف بحياتهم هي التي تُعبّر عن رأي الشعب ويدفعهم تأثير هذا الوهم  لنشر  صورهم وأنجازاتهم الهشة وإطلاق أسمائهم على المستشفيات والمنشآت والطرق ثم يذهب كل ذلك مع الريح عند حدوث التغيير فليس هناك من أهل هذا النظام من تعلم الدرس وأن كل المجد الذي يبني فيه النظام لنفسه سوف يذوب كما يذوب الثلج في الماء الحار ففي يوم واحد سيتحول إسم المدن والشوارع والقاعات الى اسىماء اصحاب الارض وتطوى النسيان سيرة جمعية بالعار بعد أن كانت تملأ الأرض كما أن الأحزاب التي تخلقها مثل هذه الحكومات سوف تتبخّر في الهواء هي الأخرى وتزول بنهاية الذين جاءوا بها كما تزول الحمّى بعلاج المرض الذي تسبب فيها وتشهد على هذه الحقيقة أن "الحزب الوطني" المصري الذي إستغرق بناؤه ثلاثة عقود وبلغت عضويته عشرات الملايين من المثقفين والعمال والطلبة والجمعيات النسائية قد إختفى من الوجود بمجرد قيام الثورة الشعبية في مصر، وأن الرئيس مبارك الذي دُفن حفيده "7 سنوات توفى بمرض اللوكيميا" في موكب رسمي بموسيقى الجيش وفي نعش تحمله الخيول يرقد اليوم في حنطور متحرك وهو يستجدي الرحمة من ضحاياه والحال كذلك تُرى ما الذي يجعل أشخاصاً من لحم ودم من المنتسبين لهذا النظام لا يكترثون للقصاص الذي ينتظرهم وهم ويرتكبون جرائم القتل والتعذيب والاعتقالات الجائرة والاختلاسات والسرقة ..الخ في هدوء وطمأنينة ولا مبالاة مع علمهم بأن كل ذلك موثق بالصوت والصورة والمستندات !! الذي دفعني لطرح هذه الأسئلة وتناول هذا الموضوع ما يدور الان في تحركات حزب المؤتمر الشعبي العام والبلد تعيش حالة فراغ دستوري وبداية انهيار للدولة بشكل كامل في تقديري أن الذي يجعل مثل هذا الإرباك يرتكب هذه الجريمة بدوافع سياسية هكذا وبكل جرأة وعلى رؤوس الأشهاد وكذا ما يجعل غيره من الذين يسيئون استخدام السلطة وارتكاب الجرائم في حق الشعب هو أن لمثل هؤلاء يقين بأن هذا الشعب طيّب وأنه سوف ينسى لهم كل هذه الجرائم والأفعال، كما فعل مع الذين سبقوهم في الأنظمة العسكرية السابقة وأنهم سيمضون بالأموال التي سطوا عليها دون مساءلة وحقيقة الأمر أن مثل هذا العشم بالصفح عنهم في مكانه فليس هناك سابقة في تاريخ اليمن المعاصر تُشير إلى أن شخصاً قد ارتكب جريمة في حق الشعب أو الوطن قد طاله القصاص الذي يستحقه بل العكس فكثير من الذين أجرموا في حق الشعب والوطن قد أصبحوا أبطالاً ونجوماً في المجتمع الخطأ الذي إرتكبه الشعب في الثورتين السابقتين (14أكتوبر 26 سبتمبر) أنه لم يعمل على حماية الثورات التي قام بها فقد ألقى الشعب بفروع النيم التي كان يحملها بمجرد نجاح الثورة وسقوط الغزاة والانضمة الشمولية وإنصرف في حال سبيله فقد كان الواجب أن تستمر الثورة حتى يرى الشعب أن أهدافها قد تحققت فالطبقة التي تتولى الحكم بعد كل ثورة غير طبقة الذين يُشعلون الثورة ويُقدمون دمائهم في سبيل نجاحها فالذين يقفزون لكراسي الحكم بعد قيام الثورات لهم قواعد وجذور في الأنظمة التي تتم الإطاحة بها إن لم يكونوا شركاء لها من الباطن وتربطهم صلات قربى وعمل ومصالح تدفع بهم لحماية المجرمين في مثل تلك الأنظمة إن عدم إفلات أي مجرم من العقاب هو السبيل الوحيد الذي يتعلم منه هؤلاء الأدعياء الأدب وحتى لا يستقوى علينا غيرهم بالسلطة ولا تغرّنكم هذه الأوداج المنفوخة وسلاطة اللسان التي يمارسها اليوم  بقايا العصر الدكتاتوري فسوف يأتي اليوم الذي ينقلب فيه كل هؤلاء الفُتوّات من أسود مفترسة إلى قطط منزلية وأرانب وسوف يُنكرون الجرائم التي إرتكبوها وينسبونها للمجهول أو الذي يأتي بعدهم ما يبعث على الاطمئنان على المستقبل أن هناك من أبناء هذا الشعب من عكفوا للعمل والإعداد لمثل هذا اليوم المُنتظر ولتفادي الأخطاء والمزالق التي أرتكبت في أعقاب الثورات الماضية ومن ذلك ما قام ويقوم به رموز أنصار الله وقائد المسيرة القرانية (ابو جبريل ) من جهود لا تُوصف في صياغة الدستور وشكل دولة العدل والمساواة كما أن هناك جهات تقوم بحصر وتوثيق المعلومات بشأن جرائم القتل والتعذيب والفساد التي تم إرتكابها ولا تزال متورطة بها القوى الاستكبارية العقيمة .

والله ولي التوفيق .