قد يكون الإعلام في الجنوب غير مقنع و غير شامل وذو قاعدة هشة.. وقد يكون مصطلح الإعلام بحد ذاته غير مفهوم في جنوبنا وغير معروف الأبعاد و الأنواع ولكن هذا لا يعني عدم وجود مواهب وكوادر إعلامية جنوبية مؤهلة فمنطلق تفكيرنا يبدأ بالسؤال كيف نصنع إعلاما حقيقيا في الجنوب ؟ وأقصد بالحقيقي هنا أن يشمل المصداقية والشفافية والمهنية والشمولية مع مراعاة المعايير الأخلاقية لمهنة الإعلامي وحمايته وحفظ حقوقه وخصوصا في هذا التوقيت وهذه المرحلة التي تمر بها البلاد .
وحتى نصنع إعلاما حقيقيا صادقا ونافعا علينا أولا معرفة مشاكل الإعلام في الجنوب ومن يستقي المعلومة من مصادرها وأعتقد أن ضبابية مفهوم الإعلام هي واحدة من تلك المشاكل وكذلك اختفاء الخبرات عن الساحة التعليمية الإعلامية وعدم توفر ومعرفة التكنولوجيا الإعلامية الموجودة في العالم وبعد التعرف على مشاكل الاعلام عندنا نصل لاحتياجنا إلى آلية منهجه تحقق كثير من الإسهامات التي نحن بحاجة اليها في هذا الظرف الدقيق ما يريده ويحتاجه الجنوبيون اليوم هو قنوات متعددة تعتمد الشفافية والمهنية لتكون عنصرا حيويا في تمكين المواطن الجنوبي في كل ربوع الوطن المحتل من المشاركة في الحياة الاجتماعية والسياسية والتعبير عن رأيه قنوات لتوعية الشعب بحقوقه الأساسية التي تكفلها كافة الدساتير والمواثيق الدولية.
نحتاج لقناة تعتمد الحياد والموضوعية دون إقصاء لأي أحد وتسمع للجميع نريد إعلاماً حرًا وإعلاميين نزهاء وطنيين نريد قناة تخدم القضية الوطنية لشعبنا ولا تخدم توجهات شخصية أو توجهات مجموعة أو أيديولوجية معينة نريد تحرير إعلام حر من مدراء احتكروا كل شيء فيها وأصبحوا يديرونه بكل ديكتاتورية وكأنه ملكهم الخاص نريد أن تتاح الفرصة لجميع الكفاءات من الإعلاميين الوطنيين للظهور في كل مجالات الإعلام من غير إقصاء أو تهميش حرية الإعلام تعني الشفافية والنقد البناء وإبراز الحقائق وكشف الأخطاء ومحاولة إصلاحها في ظل دولة تسرق مهنة الشخص إن الإعلام عندما يكون حرًا لا يقل أهمية عن القضاء المستقل ولكن يجب ألا تبنى حرية الإعلام على تعاسة الآخرين فلابد أن يفرق الإعلاميون بين النقد البناء والنقد الهدام بين النقد والتجريح.
إن ثورة الجنوب لم تقم لتلميع الانسان الجنوبي بل لإسقاط منظومة تحوي تفكيرا عقيما واستبدادا رهيبا يعاني منه شعبنا ليل نهار منذ سنين إن الذي هيأ الاستبداد في الجنوب هو الإقصاء المميت للرأي الآخر والانفراد بالقرار الأحادي الذي يمجد جهة على جهة أخرى حتى في معارك النزال فاختزلت الحياة في فكر واحد ورأي واحد وذوق واحد ولون واحد وانتصار واحد وأول الخطوات لمحاصرة هذا الاستبداد إذا كنا نريد استقلالا ناجزا ومستقبلا واعدا أن نطلق العنان للمجتمع المدني والأهلي وجميع الفئات ويبدأ ذلك بتحرير الإعلام وحماية الإعلاميين. التجربة الشخصية في الصحافة والحالة العامة للإعلام في وطننا المحتل تعكس صورة قاتمة لهذا القطاع نظرًا للواقع المرير الذي يعيشه الإعلام في البلاد ونشوة الانتصار المستعجلة التي تأتي من تحت أنقاض العسكر ومتصدري المشهد والحكم الفعلي في رقع جغرافيا الارض .
والله من وراء القصد