معادلة ممكنة للحل: اعلان انصار الله الدستوري مقابل شرعية هادي

2015-03-02 03:00

 

فيما يستمر الرئيس هادي في الصلاة باتجاه السعودية ودول الخليج دشن أنصار الله قبلتهم السياسية باتجاه إيران عبر وصول أول رحلة مباشرة بين البلدين، تلك بداية المعركة، ويظهر أن كل طرف قرر المضي في خياره الأحادي الى ما لا نهاية في معركة كسر عظم لن تطال كوارثها هادي وأنصار الله لوحدهم بل قد تكسر عظم الوطن بأكمله.

 

خطوات أنصار الله تجاه إيران عبر رحلة الطيران ثم زيارة وفد عالي المستوى كما تناقلت بعض المواقع إضافة الى الزيارة المعلنة لروسيا تعد رسالة واضحة للرياض ودول الخليج والولايات المتحدة أنه كلما ضيقتم الخناق علينا كلما اتجهنا صوب ايران وروسيا والصين.

 

الرئيس من ناحية أخرى عاد الى سياسته القديمة عبر وضع بيضه مجدداً في سلة المراهنة على الخارج الإقليمي والدولي ولم يستفيد من الدرس بعد، حيث كانت الولايات المتحدة أول من تخلى عنه وطالبت بانتقال سلمي للسلطة في إشارة على أن عهد هادي انتهى، ولولا خروج الرئيس من صنعاء ووصوله الى عدن الذي قلب طاولة المسار السياسي رأساً على عقب وضرب التسوية التي كان من المتوقع التوصل اليها في الموفمبيك في مقتل لما عادت الدول التي تخلت عنه الى مساندته والمراهنة عليه مجدداً.

 

باعتقادي أن الطرفين سائران باتجاه مقامرة خطرة بالبلد، فالرئيس ومن ورائه حزب الإصلاح وأحزب أخرى سيندفعون أكثر للارتماء في أحضان سفراء الدول العشر مع أن ذلك الخيار والمراهنة الكلية عليه ثبت فشله خلال الثلاثة الأعوام الماضية، وأنصار الله سائرون وبشكل واضح للتحالف مع روسيا وإيران والصين.

 

من الجيد أن يكون لليمن علاقات جيدة مع كل تلك الدول لكن المشكلة هو أن تلك العلاقات لا تعبر عن موقف رسمي لنظام حاكم للبلد له شرعية حقيقية غير مطعون فيها من مكونات رئيسية، بل أنها علاقات لمراكز قوى وشخصيات بمحاور متصارعة، وتلك العلاقات قد تجر اليمن الى ذلك الصراع المحتدم الآن في سوريا والعراق منذ سنوات.

 

من صالح اليمن أن تكون له علاقات جيدة مع كل تلك الدول تعود بالمصلحة على الجميع، لكن ليس من صالحه أن يكون ساحة لتصفية حسابات لتلك المحاور تمهيداً لصفقة متوقعة في المنطقة بأكملها قد تشمل سوريا والعراق وفي ذيل القائمة تأتي اليمن.

 

كل الأطراف السياسية اليمنية أمام لحظة تاريخية فارقة ومسؤولية كبيرة تجاه الوطن والمواطن، فإما أن تعمل على إيجاد تسوية سياسية مقبولة لكل الأطراف المحلية والإقليمية والدولية بما يحفظ مصالح الجميع، ويجعل اليمن ساحة للمنافسة الإيجابية بين تلك الدول بدل من أن يكون ساحة حرب جديدة.

 

 الاتفاق المنصف سيحفظ للأطراف المحلية مصالحها عبر شراكة وطنية حقيقية، وكل طرف محلي سيحفظ مصالح حلفائه الإقليميين والدوليين في إطار مصلحة البلد، وبالتالي سيكون اليمن ساحة حياد إيجابي بما يوفر بيئة آمنة للاستثمار من مختلف الدول، وهذا سيحفز تلك الأطراف الإقليمية والدولية على التنافس على العقود الاستثمارية في اليمن بشفافية بحكم أن لكل دولة حلفاء محليين في اليمن سيمنعون أي انحياز من قبل السلطة الرسمية لأي دولة، وبهذه الطريقة سنستفيد من صراع المحاور بشكل إيجابي حيث ستعمد تلك الدول على تصدير استثماراتها بدلاً من تصدير الأسلحة والمجاهدين.

 

دول المنطقة وأغلب دول العالم تريد أن يكون اليمن مستقراً لأن ذلك في مصلحتها، وتريد أن تحفظ مصالحها وأن لا يكون اليمن منبعاً لأي أنشطة عدائية لها، وبالتالي ستقبل بأن تكون اليمن دولة محايدة ومفتوحة على الجميع، لأن ذلك خير لها من أن يكون اليمن ساحة حرب مفتوحة، وعلى الأطراف السياسية اليمنية توفير ذلك المناخ –عبر تسوية سياسية عادلة- بدلاً من الذهاب الى الطريق الآخر المتمثل في الحرب والصراع المؤدي حتماً الى سوريا جديدة جنوب السعودية.

 

باعتقادي أنه يمكن كسر تلك المقامرة التي تخوضها الأطراف المتصارعة في اليمن عبر معادلة تحفظ لمختلف الأطراف الحد الأدنى من الشراكة الحقيقية، إضافة الى الحد الأدنى من الشروط التي يمكن أن تقبل بها وتستطيع تسويقها لجماهيرها المتوترة بعد أن رفع كل طرف سقف مطالبة الى الحد التعجيزي.

 

تلك المعادلة تتلخص في أن يتنازل أنصار الله عن اعلانهم الدستوري مقابل تنازل الرئيس عن السلطة والشرعية لرئيس آخر توافقي وفقاً لاتفاق شراكة حقيقية، هذه المعادلة ستحفظ كرامة كل الأطراف وتخرج البلد من الأزمة، وباعتقادي أن الرئيس هادي لن يكون عقبة أمام هكذا تسوية، حيث أنه عبر مراراً عن رغبة في ترك المسؤولية لولا أن البلد بحاجة الى  استمرار الشرعية حتى لا تنزلق الى المجهول، ومتى ما توافقت الأطراف السياسية على صيغة جديدة للحكم سواء عبر اختيار رئيس توافقي جديد أو مجلس رئاسي فان الرئيس لن يقف حجر عثرة أمامها، خصوصاً أنه يرغب في أن يرتاح ويسلم البلد الى الشرعية الجديدة، ولا يريد أن يكون غورباتشوف جديد في اليمن اذا ما تشظى البلد في عهده، حيث سيحمله التاريخ المسؤولية بحكم أنه كان الرئيس بغض النظر عن مدى اسهامه في ذلك، كما أن صحة الرئيس لم تعد تحتمل صراعاً مفتوحاً وأزمات ومغامرات جديدة، خصوصاً أن هناك اشارات تبين أن خصومه بدأوا في نسج تحالفات في الجنوب بهدف قلب الطاولة عليه في عدن، مستغلين الصراعات الجنوبية الجنوبية، فهل يفعلها الرئيس هادي وقائد أنصار الله عبدالملك الحوثي ويقدما هذا التنازل لليمن قبل أن يُحملهما التاريخ مسؤولية تفكك اليمن عبر تحويله الى ساحة صراع إقليمي ودولي جديدة تنافس الساحة السورية؟، فاعلان أنصار الله الدستوري ليس قرآن منزل وشرعية هادي ليست حديث متواتر.

"صحيفة الأولى"

[email protected]