دائماً ما أتجنب ذكر من خرجوا من السلطة، وأُبدي تعاطف معهم ومع حقوقهم كمواطنين، ولم أسعى للقاء أياً منهم عندما كان في ذروة سلطته، ويجدني قريب منه عندما يخرج من السلطة وبالأخص عندما يتعرض للظلم أو يُطالب البعض بمصادرة حقوقه كمواطن.
كتبت عن صالح كثيراً –منتقداً له وبقوة- عندما كان في السلطة، وكتبت عن علي محسن وحميد وهادي والإخوان عندما كانوا في السلطة، وعند مغادرتهم دافعت عنهم وعن حقوقهم ولم أمانع من الالتقاء ببعضهم والتضامن معه ومهاجمة تياري السياسي –قبل أن استقيل منه- انتصاراً لحقوقهم ورفضاً لتفجير بيوت البعض أو نهبها ومصادرة ممتلكاتهم.
رفضت السعي لتهجير صالح بعد المبادرة الخليجية، ومنعه من ممارسة العمل السياسي لأن ذلك لم يكن مشروط عند منحه الحصانة، مع أني اعترضت على أن تكون الحصانة دون شروط، وكتبت أن الحصانة تمنح لمن يطلبها بشرط أن يتخلى هو من تلقاء نفسه عن حقوقه السياسية وحقه في شغل منصب عام، لم تفد كتاباتي تلك ومنح صالح الحصانة دون قيد أو شرط من الأطراف التي تطالب اليوم بمحاكمته ومصادرة ممتلكاته.
***
رفضت ما حصل للإخوان المسلمين وحزب الإصلاح وأسرة الأحمر بعد 21 سبتمبر الماضي وسعيت لإعادة منازلهم ومقراتهم الحزبية ووسائل اعلامهم، وطالبت –في مقال كامل- بأن نتصالح حتى مع حميد والزنداني وعلي محسن وتعرضت جراء ذلك لهجوم شرس من أنصار الله.
دافعت عن هادي بعد أن استقال عقب الأحداث الأخيرة ورفضت محاصرة بيته وقتل حرسه وفرض الإقامة الجبرية عليه، وهاجمت أنصار الله بأشد العبارات عندما اقتحموا منزله عقب فراره الى عدن ونهبوا –كما قيل- الأسلحة والسيارات واعتقلوا طبيبه الخاص وسكرتيره الصحفي وقبلها بن مبارك مدير مكتبه.
هكذا أجد نفسي ضد من في السلطة أياً كان ومع من خرج منها أياً كان عندما تنتهك حقوقه، وعند عودة أي منهم الى السلطة اعاود مهاجمته على أي أخطاء يقترفها، وهذا ما حصل عقب عودة هادي عن استقالته فور وصوله الى عدن.
***
يستغرب البعض لماذا هاجمت هادي مؤخراً ويعتبرون ذلك تخبط في المواقف، خصوصاً بعد دفاعي عنه –عقب انقلاب انصار الله الأخير على العملية السياسية- وعن الشرعية التي تحصل عليها من الاستفتاء عليه -مهما اختلفنا حول شرعية الاستفتاء ونتائجه الا ان جميع الأطراف تعاملت معه كرئيس للجمهورية بحكم الأمر الواقع- متناسين أن لا علاقة لنقدي له بالمواضيع التي دافعت عنه فيها، فقد وقفت معه عندما اُعتدي عيله وانتقده الآن بعد عودته للسلطة على ما اعتقد أنها أخطاء يقترفها، وبالتالي أنا ثابت في مكاني كناقد للسلطة، لم يقتصر هذا الأمر مع هادي بل مارسته حتى مع تياري السياسي "أنصار الله" –عند استيلائهم على السلطة في 21 سبتمبر الماضي- قبل أن اقدم استقالتي.
نفس الكلام والنقد الذي وجهته لهادي أوجهه اليوم الى الرئيس السابق صالح وهو أنه من الماضي ولن نقبل به على رأس السلطة مجدداً، مهما بلغت مساوئ من بعده، لأنه مشارك في كل صغيرة وكبيرة في الأوضاع المأساوية التي نحن فيها وكان اللاعب الأبرز وصانع الأحداث والحروب والفتن والصراعات وإدارة البلد بالأزمات لأكثر من 30 عاماً.
***
لا يمكن لصالح أن يقول لنا انظروا ما ذا فعل هادي أو محسن أو الاخوان أو الحوثيين أو الحراكيين بعدي، فكلهم صنيعة قراراته وأزماته وحروبه وفتنه التي برع في إدارة البلد عبرها والرقص على رؤوس ثعابينها كما قال في احدى مقابلاته.
أقصى ما يمكننا تقبله منك هو أن تكون رئيس لحزب المؤتمر وأب روحي له، لكن عودتك الى السلطة مستحيلة ولن يقبل بها أحد لأنها أشبه بالجنون وإعادة عجلة التاريخ الى الوراء واستدعاء للماضي بعد أن تخلصنا من كابوسه الذي جثم على صدورنا لأكثر من 3 عقود.
أنصح الرئيس السابق بأن لا يتجاوز ذلك الدور، فهناك من يتربص به وينتظر اللحظة التي يخطئ فيها ويمارس أي سلطة من أي نوع مستغلاً علاقاته وتحالفاته والولاء الذي له عند بعض القادة العسكريين والأمنيين، فذلك سيكون انتحار له كما ينتحر هادي الآن وكما انتحر قبله علي محسن الأحمر عندما تحاذق وادعى انه تخلى عن سلطته وبزته العسكرية وأصبح مستشاراً لرئيس الجمهورية، وفجأة وجدناه –في سبتمبر الماضي- يمارس سلطاته العسكرية من الفرقة الأولى مدرع التي عُزل منها مستغلاً ولائها له، وكانت نهايته كعسكري وكقائد مخزية.
***
حافظ على الصورة التي ظهرت فيها وأنت تسلم علم الجمهورية بطريقة سلمية للرئيس هادي عبر انتقال شبه سلمي للسلطة، تلك الصورة هي التي حمتك الى اليوم وجنبتك مصير محسن والمصير المتوقع لهادي، وتجنب الظهور أنت أو أحمد كقائد للحرس الجمهوري أو الأمن المركزي وكمن يدير المعارك والسياسات لأن ذلك قد يجرك في لحظة من اللحظات الى أتون الصراع والحرب ولا قبل لك بخوضها مجدداً وأنت أكثر من يعرف ذلك، ودرس علي محسن وفرقته لا يزال ماثلاً أمامك.
وأذكرك بمثل يمني يقول: "الحاذق يخرج من السوق عطل" فلا تكثر من الحذق يا صالح، فوالله لولا ما تحظى به من حب لدى شريحة واسع داخل المؤتمر الشعبي العام وانصاره ومحبيه الذين راهنت عليهم –ونجحت في رهانك بعكس من راهن على الخليج والغرب- لفتك المتربصون بك وبأسرتك وبممتلكاتك كما فتكوا بعلي محسن وحميد وغيرهم من الذين تحاذقوا وحاولوا تقديم أنفسهم على اعتبارهم ثوريين ومن رواد التغيير متناسين أنهم كانوا شركاء لك خلال فترة حكمك بكل مساوئها، فلا تكرر نفس خطأهم.
***
وكما هاجمناهم عند عودتهم من نافذة السلطة عقب اخراجهم من الباب سنهاجمك ونفتح كل الملفات التي صمتنا عنها متأثرين بالعملية الإرهابية التي ارتكبت بحقك في مسجد النهدين، والتي كانت السبب الرئيس لصمتنا وتعاطفنا معك خلال الفترة الماضية.