أبعث رثائي هذا عبر منبر صحيفة «الأيام» منبر من لا منبر له، أخاطب أرواحكم الطاهرة .. من خلف قضبان الظلم وطغيان الاحتلال الأحمري في سجن صنعاء المركزي، أخاطب روحك أيها الدكتور الشهيد محمد عبدالملك عبدالكريم المتوكل شهيد الدولة المدنية الحديثة دولة العدالة والنظام والقانون دولة المواطنة المتساوية بين أبناء الشمال والجنوب التي قدمت حياتك لها من خلال نضالك اليومي حتى استشهادك بأيادي الغدر والخيانة يوم الأحد 2 نوفمبر الجاري .. رحمك الله وطيب ثراك!.
قال تعالى “ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات بل أحياء ولكن لا تشعرون” صدق الله العظيم.
أيها الشهيد الحي عند ربك أبعث هذه الاسطر أخاطب روحك الطاهرة .. أتذكر اليوم الذي جمعني بك وتعرفت عليك في مقر الحزب الاشتراكي اليمني بالمعلا عدن.. عندما كنت تقوم أنت بدمج الأحزاب المعارضة لنظام المخلوع (عفاش) في اللقاء المشترك حينها.. كنت أنا حاضرا ذلك اللقاء والاجتماع وكان هناك حضور كبير لأعضاء الحزب الاشتراكي اليمني، وكانت لي مداخلة واعتراض حول دمج الاشتراكي بالاصلاح (الأخوان) ومسجل ذلك في اللقاء والدليل المشهد اليمني اليوم.. الحمدلله.
كان معي نجلي الطفل الشاعر (وجدي) حفظه الله ورعاه، الذي أسمعك بعد اللقاء شخصيا بعض الابيات الشعرية التي نالت استحسانك وإعجابك.. وقلت لي الله يبارك لك فيه حافظ عليه فهذه موهبة من الله شجعه في دراسته وتعلم الشعر .. كانت كلماتك لي محل تقدير وعرفان.
كانت الابيات الشعرية التي اسمعك نجلي وجدي للشاعر الشيخ ناجي المصعبي التي أرسلها من مسقط راسي محافظة أبين مديرية لودر قرية زاره حاضنة سلطنة العواذل إلى رئيس تحرير صحيفة «الأيام» الأستاذ المرحوم محمد علي باشراحيل رحمة الله عليه وطيب الله ثراه.. عام 1960م، بعد ترحيل المناضل الجفري وبن سالم علي في عهد المستعمر البريطاني قال فيها:
بسأل «الأيام» كما «الأيام» تجيب السائلي
هذه صحيفة راقية ماسك على رؤس الكلي
يا منبر الأحرار والحرية آخر وأولي
يا باشراحيل اشرح الموقف ووضح روحك لي
العلم منك عند ذي هم يفهمونه يقبلي
أيش استوى في حكم الجفري وبن سالم علي
واجب يساعدهم إذا كان جيش العبدلي
ويافع العليا مع الفضلي وجيش العوذلي
وأرض العوالق والمصاعب سدة الربع الخلي
وأهل البنادق والخناجر والسيوف السيقلي
أشكر جهودك يا محمد بالاديب الافضلي
صحيفة «الأيام» للتاريخ فضلاً سجلي.
بعد سماعك شاهدت الابتسامة على شفتيك وإعجابك بنجلي وجدي كيف حفظ هذه الابيات الشعرية من عام 1960م وقلت لي الله يبارك لك فيه. لن انسى تلك الكلمات ما حييت.
فقلت في نفسي وكواجب أخلاقي علي أن أكتب للتاريخ وللأجيال ذكرياتي، فلي الشرف بالتعرف عليك عن قرب أيها الشهيد ابن المتوكل، لم يقتلوك بل قتلوا شعب الشمال والجنوب (فلا صنعاني فيهم).
قال تعالى: “ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون، فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون، ويستبشرون بنعمة من الله وفضل وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين، الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح للذين أحسنوا منهم واتقوا أجر عظيم، والذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم، فزادهم إيمانا، وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل” صدق الله العظيم.
اليوم أنا أدفع ثمن غدرهم وأنا بريء براءة الذئب من دم يوسف ابن يعقوب (عليهما السلام) “وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون”.
إلى شهيد ساحات الاعتصام من اللجان الشعبية، ولدي الغالي الشهيد أحمد قاسم ناصر العبادي المرقشي.. أخاطب روحك الطاهرة عبر صحيفة «الأيام» فقد سبقك أخوك شقيقك الشهيد (مهدي) في معركة الشرف والكرامة بمحافظة أبين زنجبار الذي أغتاله أنصار الشر، صناعة مطبخ الثلاثي الاحمري بصنعاء، فرحمة الله عليكم أيها الشهداء، تلقيت نبأ استشهادك بأيادي الغدر والخيانة يوم الاثنين 27 أكتوبر الماضي في الشيخ عثمان، وكان القتلة على سيارة رقم 6/4227 حمراء، وهربوا، فلا نامت أعين الجبناء، فلك وأخوك التهنئة على الشهادة، فأنت شهيد الجنوب وكلنا فداء للجنوب .. نموت .. نموت .. ويحيا الجنوب (على خطى الشهيد .. نسير حتى تقرير المصير).
في الختام.. وصيتي قبل موتى لأهلي وناسي في الجنوب، أوجه التحية والسلام إلى كل مكونات الحراك السلمي الجنوبي عبر هذا المنبر صحيفة «الأيام» في ساحات الشرف والكرامة ساحات الاعتصام، إلى كل المعتصمين في الاعتصام المفتوح حتى تقرير المصير في 30 نوفمبر القادم.. وصيتي لكم من هنا من خلف قضبان الظلم وطغيان الاحتلال الاحمري بتقوى الله، احفظوا الله يحفظكم.. كونوا مع الله يكن الله معكم.. وأطلب منكم الحفاظ عن النظافة لساحات الاعتصام بل وشوارع محافظة عدن خاصة والجنوب عامة، فالنظافة من الايمان.. وإنشاء قنوات فضائية واذاعات لساحات الجنوب عامة.. والعمل وتقديم مقترحات في الجانب الاقتصادي وحلقات تثقيفية للشباب حول القضية الجنوبية.
وحذار .. حذار من المندسين، فوالله إن مطبخ صنعاء القديم الجديد يعمل ليل نهار بزرع الفتن بينكم بأياد جنوبية من ضعفاء النفوس، أصحاب (البودي جنوبي.. والمكينة دحباشي)، فمطبخهم قبيح منذ 1968م حتى اليوم، فلا عهد لهم ولا ذمة لهم في ما يقولون وما يفعلون .. والدليل مخرجات الحوار الوطني وقضيتي حتى اليوم.. وأنا خلف القضبان.
نم قرير العين أيها الشهيد.. فلا نامت أعين الجبناء، أكرر ما قلت في رثائي للشهيد د. محمد المتوكل، لم يقتلوك بل قتلوا دولة النظام والقانون والعدالة والمواطنة المتساوية التي كنت تناضل من أجلها وتنفيذ مخرجات الحوار الوطني.. فقد سبق لي أن عقبت على مقال لك في صحيفة (الأولى) عن صحيفة (الجنوبية) بعدن عندما قلت: إن أبناء الجنوب وحدويون، وكل ما يقال عنهم إشاعات، فقد لمست ذلك أنا شخصيا في زيارتي إلى الجنوب.
قلت لك أنا نعم يا ابن المتوكل.. فرحمك الله وطيب ثراك.. اغتالك المتخلفون الجهلة العنصريون باليمن من مطبخهم القديم الجديد.. وفتاواهم التكفيرية بقتل أطفال ونساء وشباب وشيوخ شعب الجنوب الحر المحتل.. والنهب والسلب والفيد لثروات الجنوب باسم الوحدة المغدورة منذُ صيف 1994/7/7م.
أدعو كل مكونات الثورة السلمية للحراك السلمي الجنوبي لتصعيد العمل الثوري من أجل الاسرى الجنوبيين حتى إطلاق سراحهم من سجون الاحتلال هنا وهناك ظلماً وعدواناً.
عزائي لأسرة الشهيد د. محمد عبدالملك المتوكل، لنجلك ريدان وإخوانه وكافة آل المتوكل في اليمن.
عزائي لأهلي وناسي وآل عباد المراقشة كافة في الجنوب العربي الحر المحتل.
اللهم الهمني والهمهم الصبر والسلوان.. إنا لله وإنا إليه راجعون.
**قال الثائر:
نوفمبر اليوم جانا عود لنا من جديد
فيه استعدنا الكرامة وأصبح الكل سيد.
ألف تحية وسلام للشرفاء الاحرار في ساحات الاعتصام.. والخزي والعار للصمت الجبان.. والمجد والخلود للشهداء الابرار.. والشفاء العاجل بإذن الله للجرحى.. والحرية بإذن الله للأسرى في السجون.. ثورة ثورة يا جنوب!.
* الأيام