مساكين أهل السياسة / حين تبلغ بهم جامحات الزمان / على حين غفلة / وتحط بأوزارهم وبغاية أحلامهم / وسط دار الرئاسة
على الرأس نرفعهم / كل واحد برأسه / وبين عشية من فورة وضحاها / يصبح القائد الرمز / رمز البلاد / ورمزا يحاكي القداسة.
****
على الرأس نرفعهم / وكل واحد برأسه /
نضبط إيقاعنا / وعقارب ساعاتنا / وفق ميقاتهم / ونفصل مقاساتنا / ومقاسات أوطاننا / وفق مرسوم دار الرئاسة
ونلون رؤانا وأفكارنا / وأشجان ألحاننا ولحانا / بألوان أطيافهم / ونفصص كلماتهم / في حديث الوله و (الوناسة )
# # #
ننزههم ونهذب هفواتهم / نعيد الزمان إلى حضنهم / ونسبهم إلى كائنات الأصالة /
هم الخلص المصطفين / هم تبر الزمان ودره وماسه
بين قوسين (هم صانعين السياسة ) /وهم المبتدأ والخبر / أهل حكمة وأهل فراسة
نمجدهم / ونبارك خطوتهم / في ضياع الوطن واختلاسه
# # #
وحتى يكون الوطن والمواطن / رهن إشارتهم / نجسد صورهم بين العوام / وننزهها من مكان الخلاء / وزوايا الدنس والخساسة
# # #
ونلقي مقاييس أحبابنا / ومقاييس أروى وبلقيس / ونكيل محاصيلنا ودمانا / وإشجاننا ومصائبنا وهوانا / بصاع الرئيس
وكتابات أطفالنا / وحكايات موزه وناسه / وأقلام كتابنا ورموز الحداثة / (والديس ميس )/ كلهم يستمدون إبداعهم / من حديث الرئيس
# # #
وكل وسواس خناس / يبدأ حديثة / بقال الرئيس المفدى / قال الرئيس / كل شيء على ما يرام / كل شيء في بلادي (كويس )
# # #
وشيوخ مساجدنا / يعتلون منابرها / ببطاقات مسبوقة الدفع / وبراشيم مقشوشة / ويقولون سمعا وطاعة / أطيعوا الخليفة / لا احد يتطاول علية / الرئيس الخليفة / أطيعوه / ثم أطيعوه / ثم أطيعوا الرئيس.
ويوم الوليمة بقصر الرئيس / هم أول الحاضرين / يوم يقبل عليهم / يخرون له ساجدين ويلبون عاش الرئيس المفدى / عاش الرئيس
# # #
ومع كل هذا وذا / يا صديقي أنيس / لا تفكر بمنصب رئيس
# # #
مساكين أهل السياسة / زمان الندى والفدى / الرئيس هو المبتدأ والخبر / وهو حاضر زمان الحضارة والمنتدى / على مانشت الصحافة / تصبحنا صورتك يا رئيس/
وتُختم نشرات أخبارنا آخر الليل/ بأخبار عن منجزاتك / وفيض كراماتك المعجزة / وبطلتك الرائعة / يا خليفتنا المرتضى / يا رئيس
أنت شمس النهار / وبدر المساء / ومفاتيح أبوابنا / في أنامل يديك / أنت الكر والمكر والفر / والنصر في المعركة / يوم حامى الوطيس
* ** **
مساكين أهل السياسة / زمان السعادة / يا سعد من نال قرب الرئيس
ويا سعد من حالفه الحظ ذات لقاء / وصافح بأيده / أيد الرئيس المفدى
تتغير الكيمياء في حياته / وتجرى بدمه دماء الرئيس
يتباهى بالمجد / يولم الأصدقاء / ويشرح لهم / كيف تبقى آثار أيد الرئيس المبارك / في كفه / كيف تسرى بلسم على جرحه / وسلاما وبردا على قلبه
ويشرح لهم عن حلول الكرامة في وجده / وكيف تمغنط يوم اللقاء / بين أيدي الرئيس
*** *** ***
ومع كل ذاك وهذا / يا صديقي أنيس / لا تفكر بمنصب رئيس
*** *** ***
مساكين أهل السياسة / يوم تدور الدوائر عليهم
بين عشية من فورة و ضحاها / كل تلك القصور المشيدة / والهيل والهيلمان / وأمجاد تلك السنين الخوالي / وحوادث بنات الزمان / بغمضة عين في ليلة الزلزلة/ تتهاوى / وتكنسها ريح صر صر / ويدفنها البغي تحت الخراب
*** *** ***
يا صديقي أنيس
قال كاتب أيام مجد الرئيس التعيس/
يتذكر آخر لقاء/ ويكتب متدثرا بالجفاء
قفا يا زماني ويا ذكرياتي / هنا واشهدا:-
في خراب الذين تهاوت راياتهم / تنعب البوم كل مساء / وما تبقى من أسمالهم / يتدثر بها آخر البؤساء
وتلك القصور المشيدة / تتنكر اليوم للأصدقاء / ولت أيامها الدردبيس
لا مراسيم تحيى على أبوابها / ولا صوت يعلو شرفاتها / ولا جدار يردد ذاك الصدى
كل تلك العروش العظيمة / تحتضر وسط سرداب / تأكلها دودة الأرض / ويزمجر عليها نعيق الغراب / ...
قلت لك :
(يا صديقي أنيس / لا تفكر بمنصب رئيس )
*** *** ***
ويوم تدور الدوائر عليه
كل شيء تبدل / وذالك المجد غاب /
وبين جنبات تلك القصور المريبة / يزمجر عواء الخراب
/ لا حراسه ولا حاجب الباب / يمنع دخول الذباب / ولا ساقي الكأس يسعى بحفل المساء
ولا أثرا لعطور الوصيفات / تعبق وراء الكواليس / بعد العشاء
ولا حاليات اللباب / تلبى إشاراتهم / ولا من يسلى عليهم / ويحكى أمجادهم / وهو جالس وسط مجالسهم
جلست القرفصاء
*** *** ***
وسيارة الولد الخنفساء/ اختفت من شوارع أبوه
يوم كان أبوه الرئيس / كان يمخر عباب السكينة بالكبرياء ./ وكان ياسر لباب الصبايا / وهو ينشر ذاك الوباء / الصغير اختفى / والرئيس الكبير اختفى
وكل أداة تمني خابت
لعل
وليت
ولو
وعسى
وكل لسان وبوق أنكفى / فلا صوت عبده ينافح / على سيرة القائد الرمز / في حضرت السفهاء /
ولا حلم من راءت القائد الرمز / يشرب من كفه المصطفى
# # #
كل هذا وأكثر / يا صديقي أنيس / لا تفكر بمنصب رئيس
# # #
مساكين أهل السياسة / يوم تدور الدوائر عليهم / تدق النواقيس
وتبدءا دواب المنافع / ترفس أبوهم رفيس
وصاحب المغنطيس / ذاك الخسيس الذي كان يمسح ناصيته / بحذاء الرئيس
يتعرى وينشر غسيله / ويكشف دسائس دار الرئاسة / وإسرار عبلة وعنتر / وخفايا المحبين / ليلى ولبنى وقيس
# # #
وكل أمر خسيس / يا صديقي أنيس
# # #
مساكين أهل السياسة / آخر أيامهم/ مثلما بائعات الهوى / آخر العمر تفقد كل المقاييس /
لا صويحب يعاود على أبوابهن / ولا صديق أنيس / ولا فارسا من زمان الفوارس / تقهقر على دربهن / ولا ولد يتحنا على جرحهن / آخر العمر وضعٍ تعيس
ذبلت كل أعضائهن / وفاتهن قطار العريس /
ويبقى لهن رحمة الله مفتوحة أبوابها /
وتوصد أبوابها / في وجوه الذين تمادوا بسفك الدماء / ونازعوا صاحب الملك / في ثوبه الكبرياء / وعلى رأسهم الرئيس / (( يا صديقي أنيس ))
بقلم / صلاح الطفي