ماذا خسرنا جميعاً من استمرار توقف صحيفة الأيام
حسام سلطان
حسابات الربح والخسارة في المجتمعات المتقدمة خرجت عن طورها البسيط البدائي من احتساب القيمة النقدية المباشرة للربح والخسارة الناتجة من البيع والشراء وتعدت ذلك الى احتساب نتائج الافعال وما تترب عليه من عواقب ومن ثم احتساب القيمة الكلية المباشرة والغير مباشرة.
على سبيل المثال بدأت الان بعض الشركات الكبرى طوعياً بادراج الآثار البيئية في حسابات الربح والخسارة بمعني ان الشركة تنظر لما هو ابعد من مجرد البيع والشراء بأن تقوم بعمل مقابل نقدي بطرق علمية للبصمة البيئية لاعمال الشركة كاملة ومن ثم حساب الاثر البيئي على المجتمع ككل ووضع قيمة نقدية لذلك. السبب في هذا الاتجاه هو زيادة الاحساس بالمسئولية تجاه الاجيال القادمة ومايترتب على استفناذ موارد اليوم من خطر على اجيال الغد.
هذه المقدمة البسيطة قصدت منها التنبيه الى نقطة بسيطة لفتت انتباهي في النقاش الدائر حول صحيفة الايام وعن ضرورة عودتها للصدور للأهمية البالغة لهذه الصحيفة وهي التركيز من قبل معظم الكتاب على الدور الكبير الذي قامت به الصحيفة على مدى تاريخها الطويل وعلى الظلم الكبير الذي لحق بها والخسائر الفادحة التي تكبلتها اسرة آل باشراحيل واسرة حارس الصحيفة العبادي المرقشي من قبل عصابة كان يطلق عليها المرحوم هشام باشراحيل (عصابات آل كابون) والاعتقاد بان اي تعويض من الممكن ان يعوض الخسائر الفادحة سواء التي ادت الى وفاة الفقيد الكبير او الى ضياع سنوات طويلة من عمر الاسير المرقشي.
ماينبغي التركيز عليه هو ان استمرار وضع قضية الايام على الرف والتسويف في معالجة هذه القضية له آثار ستمتد لسنوات عديدة لسبب رئيسي ومحوري وهو التأثير الكبير لصحيفة الايام وكتابها في التوعية السياسية والحقوقية والثورية في صفوف الشارع الجنوبي عامةً والعدني خاصةً.
في كل يوم لاتصدر فيه صحيفة الايام يخسر الشارع الجنوبي والعدني صوت الاعتدال والمهنية العالية، في كل يوم لاتصدر فيه صحيفة الايام يملأ الفراغ الذي هو اصلاً لها مجموعات كبيرة من الهواة والمرتزقة وهؤلاء كلما ازداد غياب الصحيفة كلما ازداد تأثيرهم على البسطاء والشباب والمتطلعين لغد افضل بلاقيادة رشيدة ، كلما استمر غياب صحيفة الايام تدافع السوقة للتصارع على قيادة الشارع العدني والجنوبي.
الجريمة الوحيدة لصحيفة الايام هو انها تبنت قضية عدن والجنوب بمهنية عالية واحترافية بالغة دفعت في سبيل هذه المهنية اغلى ماعندها وهو رئيس تحريرها والدينامو المحرك فيها الصحفي الكبير المرحوم هشام باشراحيل عميد آل باشراحيل بعد رحيل العميد المؤسس والاب محمد علي باشراحيل عليهما رحمة الله.
مجتمعات تقيم حسابات الربح والخسارة بالاثار البيئية للاشجار وثاني اكسيد الكربون ومجتمعات لاتعرف معنى ان يتم تغييب صوت العقل والاعتدال فيها.
لا ادري الحقيقة لمن اوجه هذا النداء، اعرف ان غالبية القرآء متفقون تماماً مع محتوى المقال ولكن للأسف من بيده صنع القرار او من بأيديهم صناعة القرارات لايبدو انهم مدركون حق الادراك ما الذي نخسره جميعاً وبشكل يومي من استمرار احتجاب صحيفة الايام.