تعودنا في شهر رمضان كل عام على المسلسلات التاريخية ذات الإنتاج الضخم والأداء المتميز لفريق العمل، لعل أحدثها كان مسلسل (عمر) قبل عامين، وفي هذا العام وفي تطور سريالي وإنتاج ضخم للغاية نعيش أحداث مسلسل ينتج لأول مرة بطريقة خماسية الأبعاد، أو ربما سداسية اسمه (الخليفة أبو بكر البغدادي)، حيث يبدو أن دعوات ملايين المصلين خلال العقود الأخيرة قد استجيبت، فالملايين تضرعوا للمولى القدير أن "يعجل لنا بخليفة كالمعتصم يسير الجيوش ويدك عروش الطغاة ويقيم العدل ويلبس الساعة بيده اليمنى".
لا أشك لحظة أن هناك الكثير، بل والكثير جداً من العوام والبسطاء يتمنون أن يكون هذا المسلسل الرمضاني حقيقة كما تمنوها وحلموا بها دائماً، فإذا طبق العدل ستعود الكهرباء والمياه إلى مجاريها ويعم الأمن والأمان، وستعود الحضارة الإسلامية البهية ويعود الفارابي وابن سينا وابن رشد والخوارزمي وأبو حنيفة النعمان والناصر صلاح الدين، وكل شخصيات المسلسلات التاريخية، بل وسنمسك بزمام الحضارة الإنسانية مرة أخرى ونقود الأمم إلى خيري الدنيا والاخرة، ونقضي على المأسونية والصهيونية، ونصلي في الأقصى ونفتح روما ونعيد الطرقات في بغداد حتى لاتعثر فيها البغال.
من منا يكره العدل ومن منا لم يصل إلى درجة القرف من الوضع الراهن في مختلف البلاد العربية والإسلامية، ومن وضع حكامنا ومحكوميهم، ومن تدخلات الشرق والغرب وإيران، ولكن الحقيقة شيء والمسلسلات التاريخية الرومانسية شيء آخر، مايحدث الان في سوريا والعراق من قتل جماعي وترويع بدعاوى إعادة الخلافة، وإقامة الدولة الإسلامية قد رأينا مثله في أفغانستان والصومال، حيث تضيع الفكرة بعد انقضاء السمرة، ويكتشف الخلفاء والأمراء والولاة وكل أبطال المسلسلات السابقة أنهم كانوا مجرد كومبارس بعد انتهاء أدوارهم التي أدوها بمهنية عالية واحترافية شديدة.
الوضع مخيف وكل عوامل الجذب متوافرة للخليفة الجديد وصحبه الميامين، فالناس قد ضجت وملت ولا مستقبل أمام ملايين الشباب في ظل انتشار الفساد وتغلب القوى القبلية والعسكرية والطائفية على القوى المدنية، فإذا كان هناك من يرضى بالتحالف مع أعداء الدين والأمة فمن باب أولى أن يوجد من يرى في الخليفة أمير المؤمنين المخلص الحقيقي للمعاناة اليومية، فمن حق الناس كل الناس أن يحلموا بمستقبل أفضل، وأن يحلموا بالعدل الذي اشتقنا له كثيراً.
لا أشك لحظة أن الاف الشباب العربي والمسلم سيتقاطرون زرافات ووحدانا لمناصرة الخليفة أمير المؤمنين، فمرحلة التهيئة النفسية والتعبئة الروحية قد تمت بنجاح، وفشل الربيع العربي في تحقيق أبسط الأهداف التي تظاهر من أجلها مئات الالاف في ٢٠١١ زاد من حدة السخط بين أوساط شباب يعانون القهر والظلم والحر الشديد، فلاتستغربوا إذا رأيتم التأييد الكبير لمولانا أمير المؤمنين بين أوساط المتعلمين والمثقفين فالحابل قد اختلط بالنابل منذ فترة، وحالة الخوف والورع والرعب الشديد الذين نعيشه باسم الدين بالإضافة إلى ضخامة انتاج المسلسل خماسي الأبعاد، أو سداسي من المؤكد ستعمق حالة اللاوعي.
* الأيام