الهكسوس والتتار والاحتلال اليمني وجوه متعددة لعملة واحدة.
د عبدالله محمد الجعري
تهل علينا الذكرى 45 للاستقلال المجيد 30 نوفمبر 1967م وشعبنا الجنوبي يرزح تحت أغشم احتلال همجي عرفه في تاريخه كله ألا وهو الاحتلال اليمني الذي يفتقد لأبسط مقومات الإنسانية تجاه شعب الجنوب الذي يغتصب أرضه منذ صيف 1994م وحتى اللحظة، وجل غايته تنحصر في نهب وسرقة كل ما يجده على أرض الجنوب وما في باطنها ليس له من همّ سواه بخلاف المحتل البريطاني الذي احتل أرض الجنوب ما يقارب من 130 عاماً ، وكان أرحم بشعب الجنوب من المحتل اليمني وترك انطباعاً حسناً في قلوب الجنوبيين عجز المحتل اليمني أن يترك مثيلاً له، فالبريطانيون مثلاً عمروا عدن وبنوها وأوجدوا فيها إدارة استفاد منها الجنوبيون فيما بعد، ولم ينهبوا ثرواته كما فعل المحتل اليمني الذي لم يسلم منه شيئاً في الجنوب لا جحر ولا شجر ولا وبر كما يقولون إلّا وعاث فيه فساداً كما ويحسب لبريطانيا أنها لم تهضم حقوق شعب الجنوب بل تركت له الحرية في مختلف نواحي الحياة أكانت سياسية أم اقتصادية أم اجتماعية وحتى الدينية تركوه يمارسها بكل حرية ، في حين كان المحتل اليمني ــ بنو جلدتنا كما تقول العرب ــ على النقيض من ذلك تماماً حتى أني لا أجد له وصفاً أو شبهاً إلّا الهكسوس عند احتلالهم لمصر، فقد كان الهكسوس شعباً يسكن الجبال ولا يجيدون من فنون الحياة إلّا الرعي وترويض الخيول فكانوا على مصر وباء ووبالاً استفادوا من مصر في كل نواحي الحياة، ولم يذكر لنا التاريخ إلّا حسنة واحدة أفادوا بها مصراً وهي أنهم أول من أدخل العربة التي تجرها الخيل في الحروب، ونفس الشيء جاءنا به المحتل اليمني العربة (الجاري) ولكن بدلاً أن تجره الخيل جرها فرداً منهم وصدعونا بها في كل حواري وشوارع وأسواق الجنوب، كما ولا يختلف الاحتلال اليمني كثيراً عن هولاكو التتار الذي لم يُخلّد له التأريخ أي حسنات تذكر لدى شعوب البلاد التي أغتصبها، بل ترك انطباعاً سيئاً لدى تلك الشعوب مغلف بالبغض والحقد والكراهية لمثل هكذا محتلين وغزاة ومغتصبين، وبالنظر في العوامل المشتركة والصفات الجامعة بين الهكسوس والتتار والاحتلال اليمني نلخصها في الآتي:
* إنهم شعوب قبلية جاهلة ليس لهم تأريخ ولا يملكون ثقافة التعامل مع الآخرين بل يتحركون ويتصرفون وفق نوازع الشر المكنونة في نفوسهم المليئة بالحقد والكراهية.
* إحساسهم بالدونية في نظر الشعوب التي يغتصبون أراضيها، فجاءت تصرفاتهم نابعة من هذا الإحساس والشعور بالنقص فلجأوا لسد هذا النقص بالبطش والنهب لخيرات تلك الشعوب.
* يشترك المحتل اليمني لأرض الجنوب مع هولاكو التتار في كراهيتهم لكل ما هو جميل ولكل القيم الحضارية والثقافية لدى الجنوبيين، فهولاكو دمر كل نظم الحكم في البلاد الإسلامية وأغرق أعظم المكتبات بما تحويه من أمهات الكتب في نهر العراق، وكذلك فعل المحتل اليمني بالجنوب فدمر كل مؤسسات الدولة وكل نظم الإدارة واستعاض عنها بعقلية القبيلة وأعرافها.
* يشترك الاحتلال اليمني للجنوب مع الهكسوس والتتار في إيجاد المبررات والمسوغات لتبرير كل أفعالهم الإجرامية من النهب والسلب والقتل بحجج وأغطية وذرائع من الدين والدين منها براء، وهو ما حدث من فتاوى أصدرها رجال الدين في صنعاء لاستباحة الجنوب وقتل أبنائه بحجة أنهم كفار يجب أن يعودوا إلى الدين الإصلاحي الديلمي القويم.
وأختم حديثي بالقول:
أخيراً يأتي مناد ينادي الجنوب الضحية أيا ضحية، أن استفيقي واسمعينا نحن معشر اللئام، ندعوك للحوار فنحن قوم لا نعرف الخجل، تُجيبهم عدن حقاً لا تعرفوا الخجل، وحواركم ليس لنا به عنية، لأن شعبنا الجنوبي قرر استعادة الدولة والهوية، إذاً فضلاً دعونا نحتفل بنوفمبر القضية، عساه أن يكون بداية الخلاص من دولة القبيلة.