الوهابية في الميزان بين الخصوم والمنصفون :

2018-04-28 10:57

 

لم تتعرض أي حركة إصلاحية مثلما تعرضت له حركة المجدد الشيخ محمد بن عبد الوهاب التميمي رحمه الله في القرن الماضي والذي سبق من محاولات تشويه السمعة إلا انه بالرغم من كل التشنيعات التي حاولت النيل من تلك الحركة الإصلاحية فإنها قد نجحت نجاحا باهرا في مهبط الوحي وقد أثرت تأثيرا بالغا في كافة ربوع العالم الإسلامي .

والشيخ محمد بن عبد الوهاب التميمي رحمه الله لم يبتدع فكرا جديدا في الإسلام ولم يسم دعوته ولا احد من أتباعه ب ( الحركة الوهابية ) وإنما أطلق عليه هذه الاسم بعض الدارسين لهذه الحركة وتسمية الدعوة بالوهابية نسبة إلى أبيه خطأ لغوي لان والده لم يقم بها !!

إذن فالوهابية ليست فكرة جديدة وإنما هي الدعوة الإسلامية نفسها في صورتها السلفية النقية الصافية وهي حركة تجديدية تعتمد على أصول الشريعة التي قامت عليها المذاهب الفقهية  الأربعة  المعتمدة .

وما زالت علوم ومعارف الحركة السلفية من أتباع مدرسة المجدد الشيخ محمد بن عبد الوهاب أقرب إلى الكتاب والسنة .

ولا ينكر هذا إلا مكابر أو جاهل لا يعرف حقيقة الدعوة أو متعصب أعماه هواه وأضله عن الإنصاف .

وقد قامت دعوة محمد بن عبد الوهاب على فكرتين :

1-    تخليص الدين الإسلامي من الشوائب وردهم إلى أصول التوحيد وحارب كل ما يعكر على هذا الأصل من مظاهر الوثنية والشرك وقطع صور الكهنوت والجهل حول الأضرحة وقبور الأولياء وما يتبعها من الخرافات والأساطير التي شوهت الإسلام وقد أشيع عنه انه يطعن في الرسول والأولياء ويكفر المسلمين ويستبيح دمائهم ولم يكن ذلك سوى افتراءات وأكاذيب باطلة وعمدوا إلى خلق الفتن والإفساد بين المسلمين وإلباس الثوب الجاهز بعيوبه في تلك الدعوة من باب تفريق المسلمين وإثارة العداوات والشحناء بينهم

2-    الوهابية السلفية السنية :

قام الشيخ محمد بن عبد الوهاب بانتهاج معتقد أهل السنة والجماعة مع القيام بالدعوة الإصلاحية التصحيحية على ضوء الكتاب والسنة ولم يرق ذلك لأعداء التوحيد وعباد القبور وأصحاب المطامع والأغراض والأهواء ونسبوا ذلك على سبيل المغالطة الماكرة إلى دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب السلفية وأنصارها في تنفير الناس بواسطة القبوريين والصوفيين والمبتدعة والجهلة والعامة وخاصة الساسة العثمانيون حين خافوا على دولتهم من هذه الدعوة إلى التوحيد لاسيما بعد دخول الحرمين الشريفين فيها.

والشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله قد قام بنشر دعوته التوحيد الخالص والتحذير من الشرك بسائر أنواعه كالتعلق بالأموات والأشجار والأحجار وهو في العقيدة على مذهب السلف الصالح والتابعين والوهابية ليست طريقة أو مذهبا وإنما كانت دعوة للتوحيد .

وقد ظهرت الحركة في نجد أواخر القرن الثاني عشر الهجري على يد الشيخ محمد بن عبد الوهاب ( 1703- 1792م) لتنقية عقائد المسلمين من الشرك والبدع التي انتشرت في ديار المسلمين مثل التوسل بالقبور والأولياء وسائر البدع الأخرى الدخيلة على الدين الإسلامي .

ويرفض أتباع الحركة مصطلح (الوهابية ) ويفضلون عليه اسم ( أهل السنة والجماعة ) .

وقد انتشرت (الوهابية ) انتشارا واسعا في الجزيرة العربية بعد أن تبناها ابن سعود كمذهب لحركته وقد اعتمدت الحركة أفكار ابن تيمية وابن قيم الجوزية في نبذ العادات السيئة الملتبسة بالشرك وتنقية العقيدة المبنية على التوحيد الكامل والعودة بالإسلام إلى منبعه الأصلي .

ويطلق الكثيرون من أعداء السنة من الغرب ومن الشيعة والرافضة على أهل السنة أنهم وهابيون نسبة منهم إلى الشيخ محمد بن عبد الوهاب وراحوا يتهمون الشيخ بالأقاويل الكاذبة ويلصقون بدعوته الصافية كل قبح لتنفير الناس منها .

3-    الوهابية الإباضية الخارجية في المغرب :

وهي فرقة خارجية أنشأها عبد الوهاب بن رستم والإباضية فرقة مبتدعة لا تعظم نصوص الوحي ولا يفهموها كما فهمها الصحابة والتابعون وهي حركة خارجية ظهرت في أواخر القرن الثاني أو ل أوائل القرن الثالث وقد انتشرت في شمال إفريقيا على يد عبد الوهاب بن رستم وسميت ( الوهابية ) نسبة إليه كذلك تسمى الرستمية نسبة إلى أبيه وهي فرقة متفرقة من فرق الإباضيه يطلق عليها الوهبية نسبة إلى مؤسسها عبد الله بن وهب الراسبي وكان أهل المغرب من أهل السنة والجماعة صاروا يناوئون تلك الفرقة الرستمية لأنها تخالف معتقد أهل السنة والجماعة بل وصل الأمر أن كفرهم كثير من علماء المغرب القدامى الذين توفوا قبل أن يولد الشيخ محمد بن عبد الوهاب بمئات السنين ولا يوافق الإباضية في آرائهم من الفرق التي ذمها علماء المسلمين .

وقد قال الدكتور محمد بن سعد الشويعر :

( الوهابية معروفة من القرن الثاني الهجري في المغرب بأنها فرقة خارجية

تنسب إلى عبد الوهاب بن عبد الرحمن بن رستم الخارجي الإباضي المتوفى عام ( 197 ) على رواية وعام (205 هـ) على رواية أخرى في شمال افريقية وقد عانى أهل المغرب من أذى هذه الفرقة وأفتى علماء الأندلس والمالكية في المغرب بكفرها والتقط المستشرقون وأهل الفكر بدول الغرب الذين يستعمرون معظم ديار المسلمين في ذلك الوقت ووجدوا بغيتهم في تلك الفرقة التي لها تاريخ اسود وفي هذا المقام يتوجب علينا وضع النقاط على الخروف لتوضيح الحقائق بالأدلة والبراهين ونضع حدا لهذا الجدال المستمر لدفع التهم الباطلة عن إلصاق كل السلبيات الدعوية لهذه الحركة التي جاءت لتجديد الدين كجزء من تاريخ الدولة والمجتمع السعودي .

 

قالوا عن الحركة الوهابية:

وقد جاء في دائرة المعارف البريطانية :

"الحركة الوهابية اسم لحركة التطهير في الإسلام،والوهابيون يتبعون تعاليم الرسول وحده ويهملون ما سواها  "

وقال المستشرق الاسباني "أرمانو" :

" أن كل ما الصق بالوهابية من سفاسف وأكاذيب لا صحة له على الإطلاق والوهابيون قوم يريدون الرجوع بالإسلام إلى عصر صحابة محمد صلى الله عليه وسلم "

وقال المستشرق "جولد تسيهر في كتابه "العقيدة والشريعة " :

"إذا أردنا  البحث في علاقة الإسلام السني بالحركة الوهابية نجد أنه مما يسترعي انتباهنا خاصة من وجهة النظر الخاصة بالتاريخ الديني الحقيقة التالية :

" يجب على كل من ينصب نفسه الحكم على الحوادث الإسلامية على الصورة التي وضعها النبي وأصحابه ، فغاية الوهابية هي إعادة الإسلام كما كان "

وقال برنارد لويس في كتابه " العرب والتاريخ ":

" وباسم الإسلام الخالي من الشوائب الذي ساد في القرن الأول ، نادى محمد بن عبد الوهاب بالابتعاد عن جميع ما أضيف للعقيدة والعبادات من زيادات واعتباره بدعا خرافية غريبة عن الإسلام الصحيح ".

 

 

 

وأخيرا أقول انه على مدى السنوات الماضية تكالب أعداء المملكة تحت شعارات وعناوين عريضة من التصنيفات الفكرية والسياسية لإيذاء المملكة العربية السعودية وأبناءها بإرهابهم فكريا وكانت كلمة ( الوهابية ) وفق طرحهم تهمة وذنبا يتطلب التوبة وقد كان ابرز من تبنى تلك التهم الباطلة المحور المسمى بمحور "الممانعة" الطائفي العنصري الذي نشر الدمار من طهران إلى بغداد ودمشق وغيرها .

وهم يعملون اليوم جاهدين تحت مسمى ( الوهابية ) ويقرنونها مع الإرهاب بعد العمليات التي سفكت دماء المسلمين واستباحت ديارهم من قبل التنظيمات الإرهابية التي أفرزتها الحرب في العراق وسوريا كداعش والقاعدة وغيرهما من التنظيمات الإرهابية وليس الغرابة بإطلاق التهم الملفقة والجاهزة بل الأغرب أن هناك من صدقهم من قومنا وبني جلدتنا وكأن الحركة تهمة على جباهنا لا حركة دعوية تاريخية تقاطعت مع جغرافية المكان والزمان .