لا سياسة بدون سيادة

2025-01-30 16:44

 

تعيش بلادنا اليوم أزمة مركبة، حيث تتداخل الأزمات السياسية والاقتصادية في مشهد يعكس فقدان الدولة لسيادتها، مما جعل القرار الوطني مرهونا بتدخلات خارجية ومصالح متشابكة. فالسيادة ليست مجرد مفهوم نظري، بل هي الركيزة الأساسية التي تقوم عليها أي سياسة مستقلة، وبدونها تصبح الدولة عاجزة عن اتخاذ قرارات تخدم مصلحة شعبها.

لقد أدى غياب السيادة إلى تفكك مؤسسات الدولة، وظهور قوى متناحرة تتصارع على النفوذ، في ظل استقطاب خارجي عمّق الانقسامات الداخلية. ومع استمرار هذا الوضع، أصبحت السياسات الوطنية مرهونة بإرادات خارجية، تتحكم في مسار الأحداث وفقا لمصالحها، بينما يدفع المواطن الثمن من أمنه ومعيشته. فالاقتصاد، الذي يعد عصب السيادة، يعاني من انهيار غير مسبوق، حيث تراجعت قيمة العملة، وتفاقمت الأزمات المعيشية، وأصبحت الموارد الوطنية عرضة للنهب أو التلاعب، دون وجود سلطة مركزية قادرة على إدارتها بفاعلية.

إن استعادة السيادة الوطنية هي الخطوة الأولى للخروج من هذه الدوامة، ولن يتحقق ذلك إلا بإنهاء التدخلات الخارجية، وإعادة بناء الدولة على أسس وطنية، تعيد القرار لليمنيين أنفسهم، بعيدا عن الضغوط والمصالح الأجنبية. لا بد من توافق وطني حقيقي يضع مصلحة اليمن فوق كل اعتبار، ويسعى إلى إعادة هيكلة الاقتصاد بما يضمن الاستفادة العادلة من الموارد، بدلاً من الارتهان للمساعدات الخارجية التي تحولت إلى أداة للضغط السياسي. كما أن إصلاح مؤسسات الدولة وتعزيز دورها في خدمة المواطن سيعيد الثقة بين الشعب والسلطة، ويمهد لاستقرار سياسي واقتصادي دائم.

 

لا يمكن الحديث عن سياسة فاعلة في ظل غياب السيادة، ولا يمكن بناء دولة قوية ما لم تكن قراراتها نابعة من إرادة وطنية خالصة. واليمن اليوم أمام خيار مصيري؛ فإما استعادة سيادته والبدء في بناء دولة قادرة على تحقيق تطلعات شعبها، وإما البقاء في دوامة التبعية والفوضى، حيث تظل القرارات مرهونة بمصالح الآخرين، ويبقى المواطن وحده من يدفع الثمن.