من الغريب حقًا أن يقوم رئيس الوزراء أحمد بن مبارك بإحالة قضايا الفساد ونهب المال العام إلى الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، في حين أنه يمثل أعلى سلطة تنفيذية، ويمتلك القدرة الكاملة على اتخاذ إجراءات فورية ضد المتورطين في هذه القضايا، على كل المستويات الحكومية.
وعلي الاقل فقد كان من الأجدر به أن يوجه باقياف هؤلاء المتورطين قبل إحالة قضاياهم إلى الجهاز المركزي، الذي يقوم بدوره بتحويلها إلى السلطات القضائية، في عملية روتينية طويلة تشجع على استمرار الفساد وتوغله.
وإذا كان الفساد قد استشرى في جميع مرافق الدولة وأجهزتها دون استثناء، فكيف يمكن أن يُكون الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة بعيدًا عن هذه الممارسات؟ وما الذي يضمن أن هذا الجهاز هو الوحيد النزيه بين كل أجهزة الدولة، بما في ذلك السلطة القضائية؟
يؤكد ذلك أن الهدف من وراء تسليط الضوء على هذه القضايا وتحويلها إلى الجهاز المركزي ثم إلى القضاء يتمثل في استفزاز الشعب الجنوبي وإرغامه على الخروج في مظاهرات سلمية ضد الحكومة. وهذا يعني أن الكشف عن هذه القضايا وإجراءات تحويلها إلى الجهاز المركزي أمام الإعلام والرأي العام هو عمل متعمد ومفتعل، يستهدف تحريض الشعب على النزول إلى الشوارع.
إن رئيس الوزراء يمتلك القدرة على اتخاذ إجراءات رادعة مباشرة ضد المفسدين دون الحاجة لتحويل قضاياهم إلى أي جهة أخرى، وهو ما يثير التساؤلات حول الدوافع الحقيقية وراء هذه التحركات.