من طوامّ الكتب الصفراء (القدح في كمالات الذات الإلهية)
ورد في الكتاب المنسوب إلى الإمام البخاري - رحمه الله - برقم (7384)، زَعْمًا على لسان الصحابي الجليل أنس بن مالك - رضي الله عنه - وافتراءً على اللسان الأطهر لسيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما نَصُّه:
"لا يَزالُ يُلْقَى في النَّارِ وتَقُولُ: (هلْ مِن مَزِيد)، حتَّى يَضَعَ فيها رَبُّ العالَمِينَ قَدَمَهُ، فَيَنْزَوِي بَعْضُها إلى بَعْضٍ، ثُمَّ تَقُولُ: (قَدْ، قَدْ، بعِزَّتِكَ وكَرَمِكَ)، ولا تَزالُ الجَنَّةُ تَفْضُلُ، حتَّى يُنْشِئَ اللَّهُ لها خَلْقًا، فيُسْكِنَهُمْ فَضْلَ الجَنَّةِ".
وللعقل هنا - معتمدًا على القرآن - وقفتان:
الوقفة الأولى:
(أ) في هذا القول قدحٌ في كمالات الله - تبارك في عليائه - إذ زَعَمَ واضِعُ الحديث أن لله قَدَمًا، وأنه ليس كما قال عن ذاته العليَّة في كتابه المجيد: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِير) الشورى 11، بل هو مشابه لخلقه من حيثُ التَعَضِّي ومن حيث الحاجة لقدم يمشي عليها.
(ب) في هذا القول زَعْمٌ منكر جدًّا بأن الله - تعالى وتقدَّس - منحكم بالمكان وليس متعاليًا عنه؛ لأن المكان قد احتواه، وتَنَقَّل من مكان إلى مكان حتى وصل إلى جهنم فوضع فيها قدمه.
(ج) هذا القول يستصحب إنكار قول الله عن ذاته العظيمة المعظَّمة: (إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُون) النحل 40، وبهذا المعنى جاءت سِتُّ آياتٍ مباركاتٍ أُخَر، وهي:
البقرة 117، آل عمران 47، آل عمران 59، مريم 35، يس 82، غافر 68.
الوقفة الثانية:
في هذا القول قدح في كمال صفة العلم والحكمة اللتين اتصف بهما ربُّنا - تبارك وتعالى - إذ كيف يخَلُق مكانًا ما، وهو لا يعلم أنه أكبر مِن عدد مَن أَعَدَّ لهم هذا المكان؟!!