موضوع تنويري للخارج وللجيل الجديد في الداخل:
في الخارج لا يهتم الكثيرون ولا يعلمون إلا القليل وبصورة سطحية عن الصراع والحرب المنسية في "اليمن" بين الشمال (صنعاء) الذي يصر بكل الوسائل بما فيها العسكرية والأمنية على فرض الوحدة على الجنوب، الذي بدوره يرفض رفضا مطلقا البقاء في هذه الوحدة ويناضل بكل الوسائل المتاحة من أجل استعادة دولته المستقلة وعاصمتها عدن.
قليلون الذين يعلمون أن هذه الدولة الهشة المسماة بالجمهورية اليمنية هي نتاج توحيد ارتجالي سارعا إلى توقيعه قادتا دولتي جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية( الجنوب) وعاصمتها عدن الجمهورية العربية اليمنية (الشمال) وعاصمتها صنعاء في ٢٢ مايو ١٩٩٠م.
جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية هي الدولة التي حكمت الجنوب منذ استقلاله عن بريطانيا في ٣٠ نوفمبر ١٩٦٧م.
كان الجنوب العربي بحدود المعروفة مستعمرة بريطانية منذ ١٨٣٩ وحتى ١٩٦٧م.
أما الجمهورية العربية اليمنية (صنعاء) فنشأت في عام ١٩٦٢ بعد الاطاحة بالنظام الإمامي لأسرة حميد الدين التي حكمت منذ تأسيس "المملكة المتوكلية الهاشمية ١٩١٨م ثم لاحقا "اليمنية"، والتي كانت قبل ذلك تحت الاحتلال التركي (العثماني).
بمعنى إن اليمن السياسي ظهر فقط حديثا.
بينما لم يعرف الجنوب هذه التسمية إلا عشية الاستقلال عن بريطانيا عام ١٩٦٧م بسبب سيطرة حركة القوميين العرب على الجبهة القومية التي تسلمت الاستقلال من بريطانيا واتجهت نحو "يمننة" الجنوب والسعي إلى "تحقيق الوحدة اليمنية في إطار الوحدة العربية الشاملة".
الوحدة اليمنية لم تستمر أكثر من ثلاث سنوات حتى دبت الخلافات بين الطرفين،بعد انقلاب الطرف الشمالي على اتفاقية الوحدة الهشة واستبعاد الطرف الجنوبي من أي شراكة حقيقية في إدارة الدولة المفروض أنها "موحدة".
أصر الطرف الشمالي على فرض نظام صنعاء القبلي والثيوقراطي المتخلف على الجنوب الذي كان لديه نظاما قائما على سيادة القانون.
باندلاع حرب مراكز النفوذ في صنعاء على الجنوب في ٢٧ أبريل ١٩٩٤م واجتياح قوات العربية اليمنية مدعومة بالقبائل وجماعات الجهاد الأفغاني للجنوب انتهت الوحدة التي أعلنت في ٢٢ مايو ١٩٩٠م، عمليا وتحول الوضع في "الجمهورية اليمنية" إلى وضع احتلال عسكري قمعي للجنوب من قبل قوات الشمال.
لكن الجنوبيون لم يستسلموا لهذا الاحتلال، فقاوموه بالطرق السلمية الحضارية رغم القمع والقوة المفرطة المستخدمة من قبل نظام صنعاء ضد الاحتجاجات السلمية الجنوبية.
وتنامت حركة الاحتجاجات الجنوبية حتى بلغت ذروتها بانطلاق مسيرة الحراك الجنوبي السلمي عام ٢٠٠٧م الذي شمل كل مناطق الجنوب من محافظة المهرة شرقا وحتى باب المندب غربا.
في فبراير ٢٠١١م اندلعت انتفاضة شعبية في صنعاء ضد الرئيس علي عبدالله صالح اجبرته على التخلي عن السلطة لصالح نائبه عبدربه منصور هادي بموجب المبادرة الخليجية.
لكن جماعة الحوثيين المدعومة من إيران انقلبت بدورها على الرئيس هادي في ٢١ سبتمبر ٢٠١٤م بدعم من الرئيس الأسبق علي صالح الذي تحالف مع الحوثيين لاجتياح الجنوب مرة أخرى في مارس ٢٠١٥م... مما استدعى تدخل التحالف العربي بقيادة السعودية.
كان هدف الحوثيين وحلفائهم في الشمال من اجتياح الجنوب مرة أخرى عام ٢٠١٥م هو القضاء على الحراك الجنوبي السلمي وإعادة الجنوب إلى مربع ١٩٩٤/٧/٧.
لذلك قاوم الجنوبيون بدعم من التحالف العربي،قاوموا الحوثيين وتمكنوا من طرد الحوثيين والقوات الشمالية من معظم مناطق الجنوب...بينما ظل الحوثيون وما زالوا يسيطرون على الشمال.
لم يكتف الجنوبيون بتحرير الجنوب من الحوثيين، فحسب، بل شاركوا بفعالية في دعم المقاومة الشمالية ضد الحوثيين... إضافة إلى مكافحة تنظيمي القاعدة وداعش.
لكن الأحزاب الشمالية بما فيها التي تظللت بمظلة "السلطة الشرعية" لم تكن جادة في مقاومة الحوثيين، بل كانت ومازالت تعمل ضد المجلس الانتقالي الجنوبي الذي نشأ كموحد وقائد للحراك والمقاومة الجنوبية وحامل سياسي لقضية الجنوب في ٤ مايو ٢٠١٧م كتتويج وخلاصة لمسيرة النضال الجنوبي بهدف تحرير واستقلال الجنوب عن نظام صنعاء.
والموضوع بقية.