إذا كتبت اسم «عبد المجيد بن عزيز الزنداني» في محرّك البحث «غوغل» سيظهر لك فوراً هذا التعريف «سياسي يمني».
أظن أن هذا هو الوصف الأدقّ لتلخيص نشاط الراحل الشيخ الزنداني، فهو منذ ولد بقرية من قرى محافظة إبّ اليمنية 1942، وشبّ فيها، ثم سفره لمصر ودراسته بعض الوقت في جامعة عين شمس لتخصّص الصيدلة، ثم انخراطه هناك مع جماعة «الإخوان» وترحيله من مصر وعودته لليمن، حتى وفاته في أحد مستشفيات تركيا قبل أيام... منذ ذلك وهو يخوض في غمار النشاط السياسي الإخواني.
يصفه أنصار «الإخوان» بالعلّامة والشيخ والفقيه والعالم الربّاني وغير ذلك من الأوصاف، بينما هو في الحقيقة، إن شئت إخراجه من صفة السياسي أو إضافة جديد عليها: «مثقف إسلامي».
الحقيقة أن هذا يقودنا للتأمل في مساعي جماعات «الإخوان» ومتفرعاتها مثل الجماعة «السرورية» في السعودية والخليج، لخلق أيقونات مشائخية، تُزاحم «ما بقي» من التقليد الكلاسيكي المشيخي.
أتذكر في هذا السياق نماذج مثل:
رابطة علماء المسلمين، كان الخطيب «الصحوي» السعودي «ناصر العمر» أمينها العام.
اتحاد علماء المسلمين، كان الشيخ الإخواني الراحل «يوسف القرضاوي» هو زعيمه، ومعه ثلة معتبرة من إخوانية وإسلاموية العالم كله، مثل السعودي «سلمان العودة»، والمغربي «أحمد الريسوني»، والعراقي الكردي «علي قرة داغي»، والآن الموريتاني «محمد الحسن ولد الددو» وغيرهم.
الهدف منها واضح، وهو خلق شرعية شعبية وخطف وظيفة الفتوى والإرشاد الديني من المؤسسات غير الخاضعة لهم، مثل الأزهر، إلى حياضهم.
كان في مصر تجمّع هو «جبهة علماء الأزهر»، وهو تشكيل إخواني منشقّ عن الأزهر، سرعان ما تلاشى في بحر النسيان.
بالعودة لتعريف الزنداني، رحمه الله، سنجد أيضاً في بعض الصفحات المشيدة به، تعريفاً يقول عنه إنه «عالم يمني وداعية، وسياسي مجاهد، وكان أحدَ كبار مؤسسي جماعة الإخوان المسلمين في اليمن».
لاحظ ربط صفة السياسي بالمجاهد، وترجمة ذلك أنه فاعل سياسي إخواني يمني، بعمامة وجبّة، مثله مثل الشيخ الإخواني المصري «عبد الله البرّ»، الذي كان عهد مرسي يُعدّه ليكون شيخ الأزهر، لكن لم يسعفهم الزمن، ولا ثورة أهل مصر عليهم لاحقاً.
إن كنت معجباً بالراحل الزنداني، أو ضدّه، سيّان، لكن من المهم أن نعرف الصفة الحقيقية له، هل هو شيخ فقيه متضلّع بعلوم الدين وعلوم اللغة وعلوم المنطق وعلوم العصر المساعدة لصناعة الشيخ الفقيه، أم هو «داعية» ومثقف وسياسي يتخذ من الفكر الإخواني والبرامج الإخوانية والنفَس الإخواني وسيلة وهدفاً سخّر حياته لهما؟!
شتّان بين الأمرين وبونٌ كبير بين الصفتين. هذا هو المُراد من هذه الكلمات، مع الدعاء لابن الـ82 عاماً بالرحمة والغفران.
من صحيفة الشرق الأوسط