*- شبوة برس - صلاح السقلدي
دولة جنوب أفريقيا كانت وما تزال قلعة للحرية والمتاعة مُشعة في سماء الإنسانية القاتمة بهذا العصر.
جنوب أفريقيا حملت اليوم -مشكورة يُهديها كل عربي حُر أصيل أكاليل الغار وباقات ورد العرفان على عاتقها- ملف مأساة الشعب الفلسطيني إلى أروقة العدالة الدولية -إن كان ثمة عدالة دولية باقية أصلا- بعد أن خذلت هذا الشعب العظيم معظم حُكام وحكومات بني جلدته. او ربما بالأحرى لنقل أن خير ما عملته هذه الحكومات المنبطحة للعصا والحذاء الصهيوأمريكي أنها لم تتبن هذا الملف أمام المنظمات الحقوقية الدولية وإلا لباعته بأرخص الأثمان لأول نخاس يهودي يقابلها على عتبة المحكمة الدولية. ألم يقل العالم الاجتماعي ابن خلدون قبل سبعة قىون تقريبا إذا عُرِّبتْ خُريتْ؟.
جنوب أفريقيا حتى وإن لم تفلح بالظفر بكل نقاط الملف الذي تحملها بهذه المهمة العظيمة، حيث باتت كل المؤسسات الدولية تحت رحمة وسطوة اللوبيات الصهيوامريكية إلا أنها أي جنوب أفريقيا قد عملت ببسالة وعلو همة أخلاقية لا نظير لها ما كان ينبغي أن تفعله الأنظمة العربية البائسة، واستطاعت تمريغ الصهيونية في أروقة أهم منظمة دولية حقوقية (محكمة العدل) ومعها كسرت ناموس حكام البيت الأبيض وانحيازهم القبيح لدولة الابادة الصهيونية، وأسقطت (بريتوريا) آخر أوراق التوت عن عورة تل ابيب وداعميها.
أمريكا ومعها القوى المتسلطة العالمية وبعض الأنظمة العربية المخزية هي الطاعون فعلاً كما قال ذات صيف الشاعر الكبير درويش، رحمه الله.. فهي التي تمثل وتوفر لدولة الاحتلال كل أسباب البطش والغطرسة..
هي أمريكا التي تكيل بعدة مكاييل حيال العديد من الامور بكل أرجاء العالم منذ تأسيس هذا المسمى” الأمم المتحدة ومجلسها الأمني” منتصف أربعينيات القرن الفارط وبعد ان تمكنت من اختطاف مجلس الأمن وتجيير قراراته وبياناته لمصالحها ومصالح حلفائها وأولهم دولة إسرائيل العنصرية.
أمريكا التي اجبرتْ وروضت معظم اعضاء مجلس الامن يوم أمس تبنت هي وحليفتها اليابان قرارا بمجلس الامن يدين ما اسمته بالخطر الحوثي على الملاحة الدولية بالبحر الأحمر ، وهذا القرار يأتي إنفاذا لرغبة اسرائيل، إسرائيل التي تعاني بقسوة ومذلة من هجمات حركة انصار الله اليمنية التي تتضامن مع الشعب الفلسطيني في مأساته المروعة في غزة، تستهدف هذه الحركة مصالح إسرائيل، نقول انها هي ذاتها أمريكا التي رفضت قبل أسابيع تمرير قرار لمجلس الأمن يدعو لوقف العدوان على غزة. ولا تنفك بالحديث عن الإرهاب وفق المفهوم الامريكي الأعور للإرهاب حين يتعلق الأمر بمقاومة الاحتلال والظلم والمذابح فيما هي اُسُّ الإرهاب بالعالم-وبالذات إرهاب الدولة -ووالده الشرعي منذ عقود.
نضيف ونقول: أمريكا هي ذاتها، والحديث ما يزال عن دور جنوب افريقيا الأخلاقي والإنساني العظيم مع الشعب الفلسطيني- التي كانت (أمريكا) قد وضعت رمز الحرية وايقونة الكفاح الانساني العظيم ضد العنصرية الزعيم الخالد الجنوبي افريقي (نيلسون مانديلا)بقائمة الإرهاب لديها، وظل الرجُل في تلك القائمة المقيتة طيلة وجوده بالزنزانة خلال ربع قرن من الزمن وحتى بعد خروجه بل حتى بعد أن صار رئيسا لبلاده. وهي لطخة عار بوجه أمريكا التي تزعم أنها (دولة الحرية والديمقراطية وحامية حماها).
*- عن رأي اليوم