لو أن دالاياماتنا التكفيريين المتغطرسين المتعصبين المغرورين المتطرفين والمتشددين يتواضعون قليلاً، ويتعلمون شيئاً ولو يسيراً من تواضع وطيبة وتسامح وحكمة سماحة الدالاي لاما لكان وضع المسلمين أحسن، وسمعتهم في العالم أفضل.
إن الدالاي لاما لم يعد زعيماً لبوذيي التيبت ولا لأتباع الديانة البوذية وحدهم، وإنما غدا زعيماً روحياً عالمياً مثله مثل المهاتما غاندي.
وهو في البرازيل لحضور ندوة عالمية حول الأديان سأله القسيس البرازيلي ليوناردو بوف وقال له: ما أفضل الأديان يا سماحة الدالاي لاما؟
يقول القسيس البرازيلي الذي تفاجأ بجواب سماحته: كُنت أحدس بالجواب قبل أن يجيب، وكنت أظنه سوف يقول بأن بوذية التيبت أفضل الأديان جميعاً.. لكنه لم يقل، ولم يقل حتى بأن الأديان الشرقية الأقدم من المسيحية هي الأفضل.. وإنما أجاب على سؤالي قائلاً: الدين الأفضل هو الذي يجعلك إنساناً أفضل.
ويضيف رجل الدين المسيحي بوف أنه شعر بحرج شديد حتى أنه لشدة رغبته في الخروج من حالة الإحراج تلك كان عليه أن يسأل سماحته: وما هو الشيء الذي يجعل مني إنساناً أفضل؟
وكان جواب سماحته: الذي يجعلك رحيماً أكثر، ومدركاً أكثر، بعيداً عن التحيز والتعصب أكثر، محباً أكثر، إنسانياً أكثر، مسؤولاً أكثر، أخلاقياً، فالدين الذي يصنع لك ذلك هو الأفضل أكثر.
ثم فال مخاطباً القسيس البرازيلي: انتبه لأفكارك لأنها ستصبح كلمات، انتبه لكلماتك لأنها ستصبح أفعالاً، انتبه لأفعالك لأنها ستصبح عادات، انتبه لعاداتك لأنها سوف تشكل طباعك، انتبه لطباعك لأنها سوف تشكل مصيرك، ومصيرك سيكون حياتك.
وعن موقف البوذية من الديانات الأخرى يقول سماحته: إنه من الرائع وجود ديانات متعددة كثيرة في العالم، فكما أن الطعام الواحد لا يروق للجميع، كذلك لا توجد ديانة واحدة أو مجموعة واحدة تشبه حاجات الجميع.
وبالعموم- يقول-: إذا كنا على دراية بديانة الآخرين فإنا نستطيع أن ننمي الاحترام المتبادل.
وبعد أحداث 11 سبتمبر- والكلام له- وعلى الرغم من كوني بوذياً وغير مسلم كنت أحاول الدفاع عن الإسلام باقتناع ذاتي.
وفي حديث آخر له يقول: شاركت مؤخراً في لشبونة باجتماع بين العقائد بأحد المساجد، وكان انعقاد ذلك الاجتماع بين الديانات بالمسجد لأول مرة، وبعد الاجتماع ذهبنا جميعاً إلى قاعة المسجد المركزية ومارسنا (التأمل الصامت) وكان ذلك رائعاً في الواقع.
لكن دالاياماتنا التكفيريين يقتتلون في المساجد.. يكفرون بعضهم البعض، وكل دالاي لاما يعتقد أن الحقيقة في صفه، وأنه على حق، وأن مذهبه هو المذهب الصحيح، وفرقته هي الفرقة الوحيدة الناجية.
وعند هؤلاء الدالاي لامات التكفيريين فإن الأفضل هو من يتعصب، من يكره، من يكفّر، من يفجّر، من يقتل أكثر.