إخوتي وآبائي وأبنائي الجنوبيين .. لم تكن أهمية السلاح تخفى عليكم فأنتم لا تزالون في حرب مع أعدائكم التاريخيين المتربصين بكم والطامعين بثروات أرضكم التي لاتزال محافظات منها تحت سيطرتهم يمتصون ثرواتها ويحاربونكم بالقليل من عائدات هذه الثروات الكبيرة.
إن هؤلاء الأعداء حريصون كل الحرص أن تفقدوا أسلحتكم كلها ثقيلها ومتوسطها وخفيفها، وما يتعلق بها من تجهيزات ووسائل مهمة. صحيح أن ثورتكم السلمية قد زعزعت نظام دولة المحتل المتخلف
وأبهرتم العالم بها، ولكن هذه الثورة السلمية والنضال المدني والسياسي بحاجة إلى السلاح، والجناح المسلح والخيار العسكري، فلن يصنع السلام والأمن إلا الأقوياء. وتوفر الأسلحة المختلفة عنصر من عناصر القوة حين يصوبه الجنوبيون إلى صدور أعدائهم، وحين يحفظونه ويحافظون عليه لوقت حاجتهم.
كنت أسمع أبي، رحمه الله، يكرر دائماً هذه المقولة، وهي: "إن الأسلحة المختلفة في الجنوب تعود في الأخير إلى اليمن" وهو يقصد باليمن الشمال.
بمعنى أن هذه الأسلحة يأتي لها تجار شماليون ويبالغون في أسعارها ويشترونها من الناس بما فيها الأسلحة القديمة التقليدية مثل الفرنساوي والشيكي والبشلي والجرمل وأبو مسكتين والفلنطة والكندة وغيرها، حتى تلك التي لم تعد لها ذخيرة متوفرة.
إنها رغبة قديمة لدى هؤلاء بتجريد الجنوبيين من أسلحتهم حتى إذا كانت قديمة. وبعد حرب 94م الاحتلالية الظالمة، استولى نظام صنعاء على أسلحة دولة الجنوب من الكلاشنكوف إلى صواريخ إسكود. ولم يكتف بذلك ولكن أرسل جواسيسه ليشتروا الأسلحة الشخصية للمواطنين بأسعار مغرية في ظل حاجة الناس للمال.
وقد كان الفقيد المناضل سعيد صالح سالم، رحمه الله تعالى، يقول للناس في ردفان وفي غيرها قبل حرب 94م تزودوا من السلاح ما استطعتم واحتفظوا به فإن هؤلاء الغزاة سوف يأتونكم إلى منازلكم،
وقد حصل ذلك فعلاً أثناء تلك الحرب القذرة وما بعدها. بعد أن توفي ذلك المناضل العريق. حتى تلك الأسلحة التي خزنها بعض القيادات في مخابئ سرية لوقت حاجتها؛ وصل إليها الشماليون ونبشوها نبشاً بفعل معلومات استخبارية، ولأن بعض تلك الأماكن قد شارك عمال شماليون في حفرها، وهم في الأصل جنود استخبارات فجاءوا إليها ونهبوها.
وخلال الغزو الشمالي للجنوب في 2015م أمطرت السماء فوق عدن أسلحة مختلفة أحجامها وذخائر كثيرة، وغيرها، مكنت الجنوبيين من دحر الغزاة، وبقيت معهم للدفاع عن الأرض والعرض، وقد رأينا مشاهد نادرة وأسطورية في الدفاع عن البلاد، فكان عدد المقاومين أكثر من عدد الأسلحة، وكان يتناوب على الكلاشنكوف الواحد عدد من الشباب يقاتلون به، أو أطفال يعرضون أنفسهم للخطر في جبل حديد ليجلبوا سلاحاً متوسطاً ويسلموه للمقاومة الجنوبية.
هذه الروح يجب أن تبقى وتتجدد فمعركة الجنوب المصيرية الفاصلة لم تبدأ بعد.. والسماء فوق عدن لم تعد تمطر أسلحة، فلكل مرحلة ظروفها وحاجتها. فسلاحكم سلاحكم أيها الجنوبيون!
إياكم والتفريط به أو العبث أو المتاجرة، سواء أكان سلاحاً شخصياً أو يتبع القوات المسلحة الجنوبية أو القوات الأمنية الجنوبية، أما اتفاق الرياض فلسنا ضده ولكنه منظومة متكاملة ومزمنة، أما إذا كان يقتصر على سحب سلاح الجنوبيين الذي طردوا به الغزاة ونصروا به التحالف، فإن هذه مؤامرة لن تنطلي على شعب الجنوب ولا على قيادته السياسية الممثلة في المجلس الانتقالي الجنوبي.
لن ننسى حين كانت القوات المسلحة العراقية تدمر صواريخها وفق رغبة أمريكا قبيل احتلال العراق. فذلك العمل لم يرضِ أمريكا ولم يمنع الغزو الأمريكي البربري للعراق الحبيب.
هذه الأسلحة أيها الجنوبيون لا تسمحوا لأحد أن ينتزعها منكم ومهما قست ظروف المعيشة فلا تأكلوا منها ولا تخزنوا، فهي عامل مهم وحاسم من عوامل عزتكم.
إن تلك الأسلحة والمعدات والأطقم ليست للاستعراض والشطح ولا لعمل الحوادث المروعة أو دهس الأطفال، وإنها ليست لحماية المتنفذين الناهبين لأراضي الدولة والمواطنين، وليست للتأجير ولا للمنافع والأغراض الشخصية على أية حال. وإن الذخائر المختلفة ليست لإحداث الضجيج وترويع الناس وإطلاقها في الأعراس.
إن كل شيء قد حددت له وظيفة مرتبطة بالزمان والمكان وليس من وجد العافية دق بها صدره أو من جاع باع سلاحه أو سلاح المعسكر.
فالله الله.. فجنوبكم ينتظر منكم تحرير كامل ترابه وإخراجه من مأزقه التاريخي، وإقامة دولته المستقلة.