ازاء القضايا الملتبسة من الصعب بل ومن الظلم رمي الاخر بتهمة العمالة او الخيانة، فالخيط الرفيع الفاصل هنا يكاد لا يرى بالعين المجردة.
ولكن في قضية مثل قضية الاحتلال اليمني(الشمالي) للجنوب فالامور جلية وواضحة وضوح الشمس في عز الظهيرة. بدليل ان سمات ومظاهر اي احتلال كانت واضحة وتنطبق تماما على التواجد اليمني في الجنوب.
ولاثبات ذلك يمكن استعراض بعض من تلك المظاهر والسمات : –
1) تواجد عشرات الالوية العسكرية والامنية الشمالية المحيطة بالعاصمة عدن وبقية المحافظات والمناطق الجنوبية والسيطرة على كافة القواعد والمعسكرات الجنوبية.
2) سيطرة الاف العناصر الشمالية على المراكز والمواقع القيادية لكافة المرافق العسكرية والامنية والمدنية في الجنوب.
3) تواجد عشرات الالوية العسكرية الشمالية المسيطرة على منابع الثروات النفطية والغازية والمعدنية الجنوبية والتي تصب الجزء الاكبر من عائداتها في جيوب قيادات العصابات والاحزاب السياسية والقبائل اليمنية الشمالية.
4) سيطرة شمالية كاملة على مناهج ومرافق التعليم العام والثانوي والجامعي.
5) محاولات الطمس النهائي لثقافة الشعب الجنوبي والموروث الحضاري والاجتماعي والفني والادبي الجنوبي مقابل اشاعة ثقافة العربية اليمنية التي تتسم بكل ما هو سيئ في السلوك البشري.
6) احتكار صرف الاراضي الجنوبية السكنية والزراعية لمتنفذين ومقربين شماليين مقابل حرمان الجنوبيين من هذا الحق في ارضهم، عدا بعض الحالات النادرة لقيادات جنوبية مقربة لدى السلطة والاحزاب الشمالية.
7) محاولة طمس الثقافة والهوية الجنوبية والاخلال بالتركيبة السكانية لشعب الجنوب.
������ القتل والتنكيل بالاف النشطاء الجنوبيين السلميين المعارضين للوحدة اليمنية والمطالبين باستعادة استقلال دولتهم.
9) شن حربين مدمرتين في صيف عام 1994م وربيع عام 2015م على شعب الجنوب وقتل وجرح مئات الالاف من شباب المقاومة الجنوبية.
10) تدمير ونهب كافة مرافق البنية التحتية الخدماتية والاقتصادية الجنوبية وسيطرة تجارية شمالية شاملة لكافة فروع الاقتصاد.
11) سيطرة شمالية كاسحة على مقاعد الدراسة الجامعية في الداخل والخارج.
وغير ذلك من السمات والمظاهر التي تترتب تحت قائمة ومفهوم وجوهر الاحتلال.
لذلك فان اي مشروع لحل المشكلة السياسية القائمة بين الشعبين في الشمال والجنوب لا يعترف بحقيقة الاحتلال اليمني للجنوب ومحاولة تصوير الصراع وكأنه مجرد اختلاف وجهات النظر حول شكل النظام السياسي، هو في حقيقة الامر سلوك لا يمكن وصفه الا بالانتهازية والخيانة والعمالة خصوصا عندما يصدر ذلك التقييم من رموز جنوبية تتميز بمستويات عالية من الوعي فكريا وسياسيا وتعليميا.
ان اية مشاريع لا تعالج المشكلة السياسية القائمة بين الشعبين وحلها بفك الارتباط بينهما، هي مؤامرة موجهة لكلا الشعبين على حد سواء، بوضع مقدمات لانتاج دورة دماء وصراع جديدة بينهما.
ان نكران هذه الحقائق من قبل بعض القيادات الجنوبية العاملة ضمن الشرعية بمشروعها المتمثل بالاقاليم الستة، سواء تلك القيادات المعتقة والتي انضمت الى الشرعية في وقت مبكر، او اولئك القيادات والنشطاء اللذين كانوا ضمن بعض مكونات الحراك الجنوبي سابقا وانظموا مؤخرا الى الشرعية وغيرهم من قيادات وشخصيات جنوبية اخرى ، هي محاولات لتلميع مواقفها الخائنة للقضية الجنوبية بتأييدها لمشاريع وحدوية او اتحادية مع نفس النخب السياسية والقبلية والحزبية والعسكرية ومع نفس المجتمع الشمالي اللذين اجهزوا جميعا على ما سمي بالوحدة اليمنية ، سوف يعيد شعب الجنوب حتما وبالنتيجة الى عهد الاحتلال اليمني.