نسمع كثيرا من بعض ساسة الجنوب السابقين حديث عن ضمانات تحكم العلاقة بين الكيان الجنوبي المنادي بالتحرير والاستقلال والاشقاء دول التحالف العربي، ومن بعدهم تتردد أصداء هذا المطلب في حديث المقايل في خلاصة مفادها أن يكون ثمن تضحيات ابناء الجنوب (دولة جنوبية مستقلة) وإلا فالتوقف عن دعم ومساندة التحالف أجدى وأبدى..
قد نتفق أو نختلف قليلا أو كثيرا حول هذا الطرح لكننا نعرف تماما ان الحديث عن هذا الشرط تستخدمه الجماعات المتذبذبة أو المتحفظة على مشروع الاستقلال أما لرفع العتب عنها أو للتطاول على مواقف الاخرين أو الانتقاص منها عندما تؤكد أن الضمانات شرطا لازما لانفاذ الاستقلال ومادونها هو المستحيل ، مع علمنا وعلمهم ان الضمانات وحدها غير كافية ولا حتى تبنّي دول التحالف لاستقلال الجنوب وحده يكفي وقد حدث هذا في 94م مالم يكن الرهان أولا على وحدة الصف والهدف وفرض أمر واقع جديد والدفاع عنه وحمايته بالشعب والمقاومة والمشروع الوطني وبناء المؤسسات... الخ.
بقي لنا ان نطلب ضمانات مماثلة من قياداتنا الجنوبيه القديمة التي لم يسبق لنا أن طلبناها من قبل. إذ كيف لنا أن نثق في قياداتنا الجنوبية القديمة التي سرنا على خطاها مسافة ربع قرن وأوصلونا الى ماوصلنا إليه ؟، وأين هي تلك الضمانات اللازمة لتحقيق الاستقلال عبر مساركم المتعرج الطويل كما تطرحون؟.
ثم ماهي الضمانات من عدم حرف مسار ثورة الجنوب والعودة الى دولة النظام الشمولي وزمن العسس وتكميم الأفواه الذي لا تعرفون غيره عبر تجربتكم الفريدة في المنطقة؟!.
أما شكل ونوع الضمانات التي نطلبها للاطمئنان على مستقبل دولتنا الجنوبية الجديدة يختلف تماما عما تطلبونه اليوم من التحالف العربي وحلفاؤه في الجنوب وهي اي الضمانات سهلة وبسيطة متى قررتم ذلك ، حيث اننا لا نطلب أكثر من الاعتراف العلني بالاخطاء التاريخية والسياسية والفكرية والاقتصادية والامنية ، ومواطن الاخفاق والفشل ثم الاعتذار للوطن الجنوبي عن كل ذلك اضافة الى مالحق بشعب الجنوب كله أو بعضه من انتهاكات جسيمة ومصادرة حقوق وتأميم ممتلكات وتكميم أفواه وقمع حريات وعزلة إقليمية ودولية وما إلى ذلك جراء تلك السياسات .
أظن أن الاعتراف باخطاء تلك المرحلة والاعتذار عنها هو الضمانة المطلوبة لمصداقية ماتطرحون والا فلا جدوى من محاولة وقف الزمن لان زمنكم قد ولى ولكل زمن دولة ورجال !.
*- بقلم : شهاب الحامد ... شاعر وكاتب صحفي