تعلمنا أن حساب الربح والخسارة في الشأن السياسي يتفوق، من حيث الأهمية، على حساب الربح والخسارة في الشأن التجاري، فالخسارة في العملية التجارية يمكن أن تؤثر على فرد أو مؤسسة تجارية، لكن الخسارة في الشأن السياسي يمكن أن تضيع وطنا وشعبا، هكذا ببساطة وبدون مصطلحات ممجوجة قد ضاق شبعنا منها.
طوال سنوات الحراك السلمي في المكلا وعدن وفترة الحرب الثانية على الجنوب في 2015م لم تتمكن النخبة الجنوبية من إنضاج مظلة جنوبية موحدة لكن الشارع الجنوبي ظل موحدا رغم التباين النخبوي الجنوبي، وبقيت النخبة الجنوبية مسكونة بهاجس مظلة جنوبية موحدة لم يكن يحلم احد أن تحظى بإجماع الناس فالناس لم يجمعون على سنة نبينا محمد صلى الله عليه واله وصحبه وسلم.
كثير من الدول المهتمة بالشأن الجنوبي كانوا ينصحون بضرورة وجود عنوان جنوبي موحد يمكن التواصل والتنسيق معه فيما يخص قضية شعب الجنوب، ولأن الشيء بالشيء يذكر فقد تمت دعوة عدد قليل من النشطاء الجنوبيين للقاء وفد من دولة أوروبية كبرى وبعد ساعات من النقاش طلبوا منا عدم النشر أو الإعلان عن هذا اللقاء، لكن أحد الزملاء ممن يتشوقون للزعامة نشر خبرا خلال اقل من ساعة عن لقاءه منفردا بوفد أوروبي، ولكم أن تتخيلوا حجم الخجل والصورة السلبية التي سيحملها الوفد عن الحراك الجنوبي.
عندما نضجت الظروف في مايو 2017م تم الإعلان عن الحامل السياسي الجنوبي، المجلس الانتقالي، وحظي بتأييد أغلبية شعبية جنوبية، بمقاييس فعاليات الحراك الجنوبي في ثلاثة عشرة مليونية شهدتها ساحة التحرير في خور مكسر، طوال سنوات الحراك الجنوبي السلمي.
إشهار المجلس الانتقالي الجنوبي لم يكن وليد لحظته التي يتوهمها البعض ولم يقل أحد أن من مهدوا لإعلانه كانوا منزهين من الخطأ كما أن المجلس الانتقالي لم يكن كيانًا ملائكيًّا، فكل ذلك جهد بشري لكنه ثمرة جهود مضنية كانت حلمًا راود النخبة الجنوبية طوال السنوات حتى ما قبل الحراك السلمي الجنوبي.
راود خصوم الجنوب الرهان على عدم وحدة أبناء الجنوب ويعملون اليوم على استهداف الانتقالي الجنوبي بمختلف الصور بما في ذلك تحميله مسؤولية معاناة التي سكان الجنوب وتتحمله السلطة الشرعية، وأبلغ دليل على ذلك هو أن تعز تعيش معاناة أشد.
بحساب الربح والخسارة فأن المجلس الانتقالي الجنوبي مظلة جنوبية لا غنى عنها وان خسارتها تعني عودة أبناء الجنوب إلى متاهة الماضي ولا يدرك أهمية المجلس الانتقالي إلا من عاش سنوات تلك المتاهة البائسة التي تلاعبت بالنخبة الجنوبية وتجاوزها الشارع الجنوبي.
نعم، المجلس الانتقالي الجنوبي بحاجة إلى أن يكتمل كمظلة وطنية ونتمنى على النخبة الجنوبية وأولهم رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي اللواء عيدروس الزبيدي وضع ذلك كأولوية في أجندته، وعلى مطبخه أن يعمل على فلترة ذهنية للتمييز بين استهداف الانتقالي وبين التنبيه والنقد الهادف فليسوا كلهم في خانة الخصوم.