فليأكلوا البسكويت

2025-11-03 07:31

 

طالعت في أكثر من وسيلة إعلامية جنوبية أن سعادة السفير خالد بحاح استقبل وزير الدولة محافظ عدن في مقر السفارة اليمنية في القاهرة.

 

الغريب في الأمر هو فعل (الاستقبال) فالسفارة ليست أرضًا بحاحية بل جزءً من سيادة اليمن التي يمثلها الوزير لملس بصفته وزير، والصحيح هو أن يتم ذكر الوزير قبل السفير حتى وإن كان السفير ذات يوم نائب رئيس دولة، فهناك مثله تخلوا عن دورهم الوطني وذهبوا للاستجمام في السفارات هم وعائلاتهم.

 

والصحيح أيضًا أن الوزير ذهب ليتفقد أداء السفير وجيشه في خدمة اليمنيين هناك فقط، وهذه هي حدود عمل سفاراتنا مضافا إليها الجبايات التي يجلدون بها ظهور المغتربين، وهذه أولى الأثافي التي نستعرضها في هذا المقال.

 

أما الأثفية الثانية فتتمثل في إصرار الوزير حيدان على رقمنة الهويات الشخصية بآلاف الريالات لأناس لا يجدون قوت يومهم ولم يحصلون على رواتبهم التي لا تكفي أقل القليل من الضرورات الحياتية.

 

الأهم من ذلك أن البيانات الخاصة للناس ستكون عرضة للاختراق من قبل الهكرز ناهيك عن أجهزة مخابرات معادية، ويفترض أن يكون الهاجس الأمني من أولى أولويات الوزارة والوزير كوزير أمن.

 

إحدى المواطنات شكت من أنها لم تستطع استخراج شهادة ميلاد ابنها إلا بالبطاقة الإلكترونية لها ولزوجها وهم لا يملكون المال لذلك.

 

فإذا أهملنا الجانب الأمني فلتنظروا إلى الحالة المعيشية للناس، لماذا لا تكون هذه البطاقات مجانية بوصفها حق دستوري مجاني؟ فوزارة الداخلية ليست وزارة موارد وأرباح يجنونها من طعام أطفالنا كما تفعل بعض مؤسسات التكسب.

 

أما ثالثة الأثافي فهي الأجهزة الحكومية المختلفة التي يفترض بها الصرامة في تنفيذ القرارات، فتثبيت سعر صرف الريال صمد بفضل شجاعة دولة رئيس الوزراء والدعم السياسي والفني من الدول والمؤسسات المالية الدولية لكنه تصاحب بتراخي الأجهزة الإدارية والفنية المحلية التي يفترض بها اذرع الحكومة في تنفيذ القرارات، ولو نزل هؤلاء من أبراجهم العاجية إلى الشارع لرأوا جشع التجار.

 

هذه الأثافي الثلاث، وغيرها الكثير، تدل على أن كثيرًا من الأجهزة السياسية والإدارية والفنية وشخوصها يعيشون في (عالم موازٍ) بعيد عن الواقع تماما، واننا مدينون باعتذار لغباء الإمبراطورة الفرنسية ماري إنطوانيت التي قيل لها أن الشارع يثور لأنه لا يجد خبزا، فقالت وهي مسكونة بعالمها الموازي (ولماذا لا يأكلون البسكويت؟).

 

عندنا يا سيدة ماري يأكلون الناس من الزبالة، ولدينا نخبة من الأغبياء يعيشون في عالم موازٍ مشتت الأوصال، وفوق عجزهم عن توفير الخدمات والعيش الكريم للمواطن يجلدون الناس برسوم وإتاوات مزاجية.