جاءت كلمة التعصب من العصبية، وهي أن يدعو الرجل لنصرة عصبيته، بصرف النظر عن ما إذا كانت ظالمة أو مظلومة . وتشتمل العصبية على المحاماة والمدافعة والنصرة ويكون ذلك على مستوى الأفكار والمشاعر،و الأقوال والأفعال.
لقد انتشرت العصبية في وقتنا الحاضر انتشارا كبيراً جداً ،فأصبح الإنسان يتعصب لحزب سياسي خاوي ليس لشيء سوى أنه وضع على بصره غشاوة جعلته يصاب بعمى الألوان .
وكما يقول الدكتور عبد الكريم بكار إن المتعصب إنسان غارق في أهوائه وعواطفه، على مقدار ضعفه في استخدام عقله،وهذا لا يعني أنه لا يفكر،لا بل هو يفكر ، لكن الأفكار التي تتمخض عن تشغيل عقله ، يتم إنتاجها في إطار العواطف الجامحة التي لديه، وتكون مهمتها الأساسية ليست ترسيخ الاعتدال والإنصاف ،وإنما التسويغ للميول والعواطف العمياء التي تغلي في صدر الإنسان المتعصب !
ونحن إذا نظرنا إلى الواقع اليوم نجد أن هناك الكثير من تلكم الأحزاب السياسية ، وهنا أنا اقتصرت على الأحزاب السياسية كونها أشد الجهات التي ترعى وتدعم وتحث على التعصب في وقتنا هذا ؛ نجد أن هذه الأحزاب غلت في مسألة التعصب لها ، حتى صار الكثير من أنصارها وأتباعها لا يقتنعون بما تبينه لهم من حقائق حول أحزابهم ! مما جعل هذه الأحزاب المفلسة تشكل خطراً حقيقياً على الأمة الإسلامية التي شرفها الله بالرسالة المحمدية النيرة .
وهذا الخطر هو بقاء أتباعها ضمن إطارها وهيكلها بالرغم من انكشافها للجميع !
ربما تكون هناك فوائد لهذا التعصب ولكن فوائد سلبية ضيقة ،وإن كانت هناك فوائد لهذا التعصب الأعمى فإن أحداً لن يستفيد منه غير الأحزاب المنهارة على عروشها ،هذه الأحزاب هي وحدها من يقطف هذا الشوك الذي يتراءى لهم على شاكلة الثمار،وهذا العمل ليس محموداً ،بل هو عمل مذموم وقبيح ومقيت ينمي عن إحساس أصحابه بالفشل الذريع وتدني خطير في مستوى وعي الأفراد .
وأما بالنسبة لمناصرة ومساندة وتأييد القضايا العادلة المظلومة فهو لا يعد تعصب ، إذ أن الشرع الحنيف قد أحث المسلمون على نصرة المظلومين ومساندتهم والوقوف معهم ، وجعل هذا الأمر من الإحسان بمكان وأشاد به وأمتدح من يقوم بهذا العمل الجليل.