المواجهة الآن مع مظاهر الأزمة، وهي “انعقاد مجلس النواب وفساد الحكومة الذي أزكم الانوف”، فإن تقبل المقاومة بأن تكون عدن عاصمة الاحتلال فهذا قبول لليمننة وإعلان هزيمة مشروع الاستقلال قبل بدء المعركة.
ثلاثة مشاريع تتحارب في هذه الحرب، حرب إقليمية ضد التمدد الإيراني، حرب يمنية يمنية للسيطرة على الحكم أو تقاسمه، حرب يمنية جنوبية. أي جهة تتصور أو تصور المشهد بدون هذا إنما تريد وضع الأزمة في قوالب مصالحها وتدليس وعدم اعتراف بمفردات الأزمة.. أما الكلام عن تنمية عدن لو تحولت إلى عاصمة مؤقتة فذلك فذلكة حزبية، فعدن الصراع عليها ليس كمأرب التي ستكون السيطرة عليها تحصيل حاصل، فأي تنمية أو تطور لعدن في ظل اليمننة فهي كجنة الدجال ظاهرها جنة وباطنها نار.
في عدن مواجهة وجودية مع اليمننة المتواجدة بشكل قوى وطنية ودينية يمنية في الشرعية متحالفة مع فساد الشرعية في إطار الحرب اليمنية/الجنوبية.. والقوى والأحزاب اليمنية، باسم الشرعية، تريد فرض واقع يحاصر القضية الجنوبية ومقاومتها ويجهز عليها.
قرارات المقاومة لابد منها، بل لابد من المباشرة في رفع جاهزية الاستعداد فيها.. فالاستعدادات في الطرف الآخر تهدد وجود القضية، وهي حالة حرب مع القوى اليمنية، ومن الغباء أن تعد للحرب إعداد سلام.
بغض النظر عن الأدوات الجنوبية، فإن المخطط يتم تجهيز أدواته وأمواله وأعلامه وحجحه في الأقبية من فترة، ومنصاتها الإعلامية تجهز الأرضية، والهدف تصفية القضية بمحاصرتها وشيطنتها لتسقط من تلقاء ذاتها بمحاصرتها وقمع قواها الحية، وتوسيع الهوة بين قواها أو تشتيت قواها، ثم إطلاق رصاصة الرحمة عليها في آخر المطاف، واعتبارها قتيلا خارج القانون، وتنصيب قضية جنوبية حسب الطلب.. ولن يعدموا ممثليها مثلما لم يعدمهم عفاش/حميد في مراحل ماضية.
التحالف شريك مؤثر ومتأثر، ويعلم أن التصعيد ليس في قرارات المقاومة فقط، بل فيما تباشره قوى وأحزاب الشمال، عبر لافتة فساد الشرعية، من فرض واقعها، بحيث لا يستطيع الطرف الجنوبي إلا رفع الراية البيضاء، وإعلان الاستسلام عبر محاصرة الناس بالتصالح والتسامح بين الجنوبيين، الذي في حالة كهذه يعتبر غباء وسذاجة.
التحالف عليه أن يعي حقيقة واضحة لا لبس فيها، وهي أن القضية الجنوبية لن تكون مهرا لترضية وكسب القوى والأحزاب اليمنية، التي تريد الجنوب مهرا لها من أجل محاولة إسقاط صنعاء وليس إسقاطها.
إذا كان لابد من إسقاط الجنوب للشمال فليسقط ورجاله واقفين محاربين أعداءهم. إذا كان الشماليون، برضى التحالف، يريدون أن يحققوا عبر الشرعية ما فشل الحوثي عن تحقيقه بالحرب، فذلك لن يتحقق إلا بحرب، فدماء أبنائنا التي أريقت ليست رخيصة في مزاد ترضيات الشماليين ليحسموا حربهم.
لكن مثلما أن اشتعال عدن ليس لصالح المقاومة الجنوبية ولا لصالح الرئيس ولا فساد الشرعية ولا حتى للقوى الشمالية، فإنه ليس من مصلحة التحالف.. فاشتعالها لن يسقط صنعاء بل سيرسخ أقدام الحوثي والمشروع الصفوي فيها .. اشتعالها لن تحسمه المقاومة الجنوبية ولا فساد الشرعية ولا حتى تدخل القوة الإخوانية في مأرب أو داخل عدن، بنفس سرعة حسم الحوثي لثورة قصر عفاش.
الاشتعال سيطول وسيفتح جبهة لن يتم حسمها سريعا، وليس لصالح التحالف فتحها، فالعالم يضج لعدم حسم حرب صنعاء، فكيف سيضيف التحالف جبهة مشتعلة في عدن لأنه أساء إدارتها ولم يحسن قراءة أهداف ومصالح أطرافها إلا وفق ما يريد.. ما يعني التدويل وخروج الجميع خاسرا.
الحسابات مطلوبة، لكن الكل مورط ومتشابك.. فلا قوة تستطيع أن تقول إن حساباتها تغطي حتى 30 % من الواقع بما فيها دول التحالف.. وليس من مصلحة أي طرف اشتعال عدن، فالحسابات مطلوبة والتعقل مطلوب، لكن من الجميع.. ما لم فسيخسر الجميع.
صالح علي الدويل