سأحاول في هذا المنشور قراءة حيثيات وأبعاد قرارات الرئيس هادي الأخيرة بشكل موجز ومركز ما أمكن.
في البداية لابد من الإشارة إلى أن هذه القرارات كانت متوقعة ومطبوخة منذ فترة طويلة وخاصة ما يتصل منها بأعضاء المجلس الانتقالي الجنوبي كما كان الحال مع القرارات السابقة بدء من إبعاد بحاح ومرورا بإقالة الزبيدي وهاني بن بريك ومن ثم أحمد بن بريك وحامد لملس وتعطيل وتطفيش المفلحي.
وفي كل هذه القرارات كان الجنوبيون يثيرون سؤالا مشروعا ومقنعا : لماذا تستهدف قرارات الرئيس هادي بدرجة رئيسية قادة جنوبيين يحظون بتأييد شعبي وقدر كبير من النزاهة والكفاءة؟ ...
هناك العديد من الفرضيات التي تفسر أسباب هذه القرارات ... سأضع اثنتين منها خاصة للقرارات الأخيرة :
الفرضية الأولى تقوم على تأكيد ما ذهب إليه البعض أن الرئيس هادي بات مسيرا وليس مخيرا في قرارات كهذه وان من يقف وراء هذه القرارات هو نائبه ورئيس حكومته ومدير مكتبه وحاشيته المقربة التي اتخذت من المجلس الانتقالي الجنوبي خصمها رقم ١ .
الفرضية الثانية : أن يكون الرئيس هادي قد راق له اللعب على المتناقضات فأراد بهذه القرارات استفزاز الجنوبيين أكثر فأكثر لدفعهم إلى المزيد من الخطوات التصعيدية .
في الفرضية الأولى يمكن ملاحظة الدوافع التالية من اتخاذ قرارات كهذه:
١- استبعاد وتجريد قيادات المجلس الانتقالي من أي سلطة تنفيذية مهما كانت شكلية ومحدودة .
٢- تعميق حالة الهوة والاختلاف والصراع بين المجلس والرئيس هادي لمنع أي تقارب جنوبي لتجريد الرئيس هادي من مصدر قوته وعمقه.
٣- تعطيل الجهود الرامية إلى استعادة بناء مؤسسات الدولة الجنوبية وتطبيع الأوضاع انطلاقا من استراتيجية تقوم على "تأزيم الاوضاع في الجنوب حتى يتحرر الشمال ولكي لا يفكر الجنوبيين بالانفصال "!!!
٤- التغطية على الفشل والاخفاق شمالا وافتضاح أمر الخذلان والخداع والاستنزاف الذي يمارس ضد التحالف وضد الرئيس هادي شخصيا ومحاولة نقل الصراع إلى الجنوب وخاصة بعد التطورات الأخيرة في صنعاء وما سينتج عنها من إعادة تموضع وتحالفات وتنسيقات مؤتمرية إصلاحية وربما حوثية .
اسمحوا لي أن أكتفي بهذا القدر في هذا المقال على أمل أن استعرض في المنشور اللاحق باذن الله تعالى الفرضية الثانية وتوقيت وتداعيات هذه القرارات على الوضع الجنوبي بشكل عام وعلى المجلس بشكل خاص .