بلادنا تبحث عن بطل منقذ صاحب رؤية واسعة

2017-11-29 13:17

 

دعونا نعترف بأننا نحن الذين نضع أيدينا على أعيننا حتى لا نرى مصلحتنا، لا أحد غيرنا يمنع أعيننا من أن تبصر ما يجب أن تراه!.. للأسف نقول إن بلادنا نفتقد الآن (البطل).. أعني الشخصية (البطل)، ذات (الكاريزما) الملهمة وصاحبة الرؤية الواسعة.. لا أعني بذلك دعوتي إلى عودة حكم الحزب الواحد أو حكم الفرد الواحد بعد أن اسقطناه، لكن أعني القائد ذا الرؤية محل الإعجاب والقبول، بعد أن أصبح مطلوباً، في كل مكان.. فهناك أماكن كثيرة في بلادنا تفتقر إلى تلك الشخصية، مثلما هو الحال في الثقافة والدين والسياسة وداخل قطاعات كثيرة في الدولة.

 

أرجو من أخي القارئ أن يطالع مجلس الوزراء ويسأل نفسه: ترى كم وزيراً يستحق أن تطلق عليه هذه الصفة، رغم أنه يدير وزارة بأكملها وبقطاعاتها، ومن ثم يجب أن تكون لديه رؤية خلاقة في وقت الأزمات والشدائد والصعاب مثلما تعيش بلادنا الآن يبحث الناس دائماً عن هذا البطل الذي ينير الطريق ويحدد البوصلة عارضاً فكره على الناس.. هذا من جانب.

 

ومن جانب آخر، فهو إننا على مدى العقود الماضية إن مر المجتمع الجنوبي بمرحلة من التفكك والانقسام ولازال هذا التفكك والانقسام اتسمت مصائبه بقدر كبير من التعصب والفوضى والمآسي جلبها كل نظام حكم البلاد والعباد استغلها لتأمين بقائه في السلطة بما ترتب عليه إضعاف قوة المجتمع حتى جاءت ثورة الشباب والجماهير ليبدأ المجتمع طريق التخلص والخلاص نوعاً من ذلك النزاع السلطوي الطائفي العميق أملاً في استعادة هيمنة حكم مرة أخرى.. لكن هيهات..!!.

 

وفي السبيل إلى هذه الغاية كثر الحديث هذه الأيام عن الشكل الذي ستكون عليه هوية الدولة الجنوبية في فترة ما بعد إنهاء حرب وكنس عتاولة تجار الحروب وتوضيح طريق البلاد بين علمانية أو دينية أو مدنية، او مدنية بمرجعية دينية او مدنية بمرجعية علمانية، غير أن البعض بدافع من التسرع والعاطفة غير المحسوبة تبهره بعض مسميات العولمة السياسية التي يرى فيها طرحاً مضاداً.. لا نريد أن نذكر هذا في موضوعنا، لكن (ما خفي كان أعظم)، ولا نريد أن يكشف لنا هذا الامر بوضوح، لا نريد دولة دينية (إصلاحية أو اخوانية او شيعية ستدخلنا في نفق طويل حول شروط الإمامة في الحاكم وكذا المسئوليات والالتزامات الواجب أن يكلف بها رئيس الدولة وما يمكن ان يحدث من خلط في الدين بين العقيدة من جهة والشريعة التي هي الجانب التطبيقي العملي للدين من جهة اخرى.

 

ولكننا سنتجنب ذلك بلا شك من خلال دولة مدنية ذات مرجعية دينية، فالدولة المدنية تستمد مرجعيتها من الارادة الشعبية الحرة التي ينتخب فيها حكام وممثلو الشعب بارادة الشعب الذي يتولى اختيارهم ومحاسبتهم بل وعزلهم.. فالمرجعية الحضارية الاسلامية هي مكون (شعب الجنوب) الذي يعبر عن المسلمين في البلاد بمختلف طوائفهم ومذاهبهم، ولذا فإن المواقف المزدوجة للكثير من الناس لا تخدم قضايا الشعب على اكمل وجه.

 

اما عن حكم الفرد وهذا ما مارسناه اثناء حكم نظام الحزب الواحد الحاكم الواحد، وكذا حكم الفرد الذي مارسه (الرئيس السابق المخلوع) ونحن اليوم عندما نقاوم حكم الفرد (الدكتاتورية) إنما نحمي أولادنا وأحفادنا من الفئران التي تخرج من انقاض (الديكتاتورية) حاملة في ايديها مدافع ومسدسات والاغتيالات والاعتقالات والخطف وغيره.

 

في الأخير: لا أظن ان الحال سيظل هكذا مقبولاً لفترة قادمة.. فإما أن تنجز الحكومة الحالية وأعضاؤها ما وعدت به وإما الرحيل.. من لا يفي بوعود ويحقق إنجازاً فليستقل فوراً.

*- الأيام