رغم تجربة الرئيس عيدروس الزبيدي بالعمل الإداري كمحافظ سابق للعاصمة عدن كونه عسكريا ولم يخض أي تجربة سابقة في مجال العمل المدني , إلا أن الرجل أبلى بلاء حسن في ظل تلك الأوضاع و الظروف الاستثنائية والتي لن يستطيع التعامل معها خبراء علم الإدارة بسبب عدم توفر أبسط مقومات النجاح أولها الانفلات الامني وعدم الاستقرار وشحة الموارد وحكم وسيطرة المليشيات المسلحة على عدن , ما نلمسه ونعيشه اليوم كان نتاج تضحيات قدمها شعبنا اليمني الجنوبي وأبناء الضالع بالخصوص في مرحلة تخلى الغالبية عن نصرة عدن , بل البعض من أبنائها كانوا من ضمن فريق جلادي مدينتهم .
قبل وبعد إستشهاد المحافظ اللواء جعفر محمد سعد كان لا يوجد من يريد أن يتسلم السلطة بعدن , ورفضت كثير من الشخصيات العسكرية والمدنية تولي منصب محافظ لعدن أو لحج أو أبين أو شبوة أو حضرموت وأولها تلك الشخصيات المقربة من الرئيس هادي , بسبب السيطرة التامة للجماعات المسلحة على تلك المحافظات تم الزج بالرئيس الزبيدي و رفاقه كمحافظين لمحافظات الانفلات الأمني و مشروع الموت الذي كان يتربص بهم ليلا و نهارا , وتلك العمليات الشبه يومية لاستهدافهم كانت خير شاهد على كلامي هذا , أراد الرئيس الشرعي التخلص منهم ولكن إرادة الله هي الغالبة دائما.
بعد إقالة الزبيدي سمعنا تلك الأصوات التي كانت خرساء وخائفة وذليلة تتحدث عن مبلغ 39 مليار ريال يمني لم يتم تصفيتها من قبل الزبيدي , تحدثت سابقا حول هذا الموضوع وبأن الزبيدي كان يتصرف بإيرادات عدن لصالح شراء المشتقات النفطية وكذلك شراء وقود لمحطات توليد كهرباء عدن ودفع رواتب للمدنيين و العسكريين لمعظم محافظات جنوب اليمن دون إستثناء ولم يكن لديه خيار أخر في ظل التخاذل و الصمت المشبوه من قبل الرئيس الشرعي هادي و حكومته الفاشلة , وكأن لسان حال هادي يقول مهمتك أنتهت يا زبيدي , إجمالي رواتب عدن ولحج و أبين و الضالع بحسب كشوفات 2014م حوالي 9مليار ريال يمني فقط شهريا , حتى 39مليار يعتبر مبلغ زهيد جدآ ولا يكفي رواتب حتى لخمسة أشهر لتلك المحافظات , علما بأن الزبيدي مكث قرابة العام و النصف كمحافظ لعدن , الزبيدي أتى بمرحلة صعبة جدآ جدآ بسبب الوضع الأمني و الإقتصادي و المعيشي المزري حينذاك, حتى الموارد المالية لم تكن بحجم موارد اليوم .
بن دغر رغم عداوته المعروفة للزبيدي و للجنوبيين إلا أنه كان أكثر شجاعة و صراحة من غيره , ووضع كثير من النقاط على حروف لم يشاء البعض قرأتها , قال برسالته المرسلة للرئيس هادي إنصاف للحق :
الزبيدي عمل في ظل غياب تام للحكومة المركزية وذلك الحساب الذي كانت توضع فيه الإيرادات كانت تصرف كرواتب للجيش الذي كانت أول نواه هي لوائي جبل حديد من أبناء الضالع وغيرهم الذين تحملوا تضحيات جسام من أجل إستتباب الأمن بعدن , البعض قد يذكر بعض المبالغ المستقطعة من بعض المرافق و كأنها كانت تذهب لجيب الزبيدي الخاص , متناسين تلك النفقات الكبيرة التي صرفت على وقود الكهرباء و المرافق الخدمية من مياه وصرف صحي و صحة و تعليم و ميزانيات تشغيلية وغيرها .
كيف كانت ستستمر تلك المرافق بتقديم الحد الادنى من الخدمات لولا الدعم المالي المباشر من السلطة المحلية بقيادة الزبيدي , أكيد أنه كانت هناك أخطاء و قصور لدى إدارة الزبيدي لعدن ولكنها غير مقصودة وغير جديرة بالذكر مقارنة بحجم الأخطاء المتعمدة والمهولة من قبل الحكومة الشرعية التي حاربت الزبيدي من خلال حرب الأزمات و الرواتب , وبعد أقالة الزبيدي وصلت المئات من المليارات من الريالات اليمنية المطبوعة بروسيا , وبيعت 4 شحنات من نفط حضرموت بمبلغ 700 مليون دولار ولكن مستوى الخدمات كان بتراجع مستمر و مخيف , وكذلك المماطلة المتعمدة بصرف رواتب الجيش و الأمن في عدن رغم توفر السيولة بخزينة البنك المركزي بعدن , لكي لا يعودوا لمرافقهم و معسكراتهم خوفا من هاجس الإنفصال إذا أستقرت عدن , إذا كان بن دغر يصرح برسالته الأخيرة للرئيس هادي بأن عدن كانت تعيل نفسها من خلال إيراداتها المالية الكبيرة , فأين ذهبت و تذهب أموال النفط الحضرمي و مليارات الطبعة الروسية .
فعلا الزبيدي كان رجل دولة يوم كانت الدولة بدون رجال , وكان يتملكهم الرعب و الخوف بمجرد التفكير بالعودة لعدن , وفضلوا فنادق عواصم الشتات و مراقبة الوضع و حالنا من خلف شاشات التلفاز عن العودة لوطنهم , اليوم وبعد تحسن الوضع الأمني ووصول المليارات بدأ السباق الماراثوني لأنصار الحكومة الشرعية من أجل السيطرة على عدن الجنوب , لو كانت توفرت كل تلك الإمكانيات للزبيدي بالطبع كان الوضع سيختلف كثيرا عما هو اليوم , ولذلك أضم صوتي لصوت كل من نادى بضرورة تقديم الحكومة الشرعية إعتذار للرئيس الزبيدي على كل ما بذر منها من مؤامرات وإستهداف مباشر وواضح له دفع الشعب وحده فاتورة باهظة لتلك الحرب من قبل حكومتنا الشرعية , شنت ضده حرب أزمات ضروس و حرب إعلامية رخيصة بحقه بغير وجه حق .