بين مارشال أوروبا ومراشي الفساد اليمني

2017-04-07 14:41

 

اعتقد انه لا توجد لدى مسؤلينا في البلد خطة إعمار هادفة وإنما خطة لمواصلة اكبر قدر من الهبر وجمع للثروة وربما لن يرحم التاريخ هذه الرقعة من بلاد العالم لو اضاع مسؤليها وأبناءها اكبر فرصة حقيقية لمشروع إعمار البلد من قبل الاشقاء في دول الخليج الذين لن يبخلوا أبدا على هذا الشعب المرهق والمتعب من ويلات الحروب المزمنة والفقر والجوع المدقع متنها على العقال ان يكونوا على قدر المسؤلية الملقاة على عاتقهم وان يفهموا معنى الأمانة التي يحثنا عليا ديننا الاسلامي وكلنا مسلمون ونعرف ابسط تعاليم الاسلام .

وإذا كان الأمريكان تصدروا اعادة  إعمار غرب أوروبا وألمانيا من باب المصلحة والمصالح الاستراتيجية فانه من البديهي جدا ان تتصدر السعودية والامارات انسانيا وأخلاقيا ودينيا اعادة إعمار وتأهيل اليمن اقتصاديا وسياسيا

ولعلكم أيها المسؤلين في بلدي سمعتم  عن ألمانيا ومعجزتها الاقتصادية  ولعلّكم سمعتم أيضا أن ألمانيا نهضت لأن الألمان ليسوا «مثلنا» فهم أكثر حُبا للعمل،  واكثر مصداقية وامانة لا يعتدوا على مال احد وهم اكثر انضباطًا في الوقت، ».

فألمانيا بعد خروجها من حرب مدمرة اكلت الأخضر واليابس لم تترك إنسان ألماني وإلا وتضرر من ويلات الحرب لم تترك الفرصة التي سنحت لها والدعم الدولي والأمريكي يذهب هباء بل سعت لتحقيق النجاح للوصول الى ما وصلت اليه اليوم كأحد اكبر اقتصادات العالم

 

ولعلكم أيها المسؤلين في بلدي تعلمون ان خطة الأمريكان في البدء كانت تهدف لتحويل ألمانيا لبلد زراعي وكانت في البدء هي الخطة الوحيدة، .حيث كان مورجينتاو وزير المالية الأمريكي،  يفكر كغيره من الساسة ، كيف يُمكننا منع ألمانيًا من القيام بحروب اخرى ، وحسب خطته كان يعتقد ان  هذا كفيل وسيجعل  ألمانيا بلدا غير مؤذٍ؛ لأنه لن يملك القدرة على صناعة أي شيء وبالتالي لا يستطيع صناعة أسلحة ، وهو ما سيجعل الاقتصاد الألماني ضعيفا، وحينها لن تجرؤ ألمانيا على خوض أية حرب مستقبلية.

لكن بعد نهاية الحرب بهزيمة ألمانيا، بدأت تظهر مشاكل الفقر والبطالة التي  كانت تمثل ارض خصبة لانتشارالفكر الشيوعي الذي كانت تُحاربه الولايات المتحدة ، ولذلك توصلوا لقناعة تامة ان الدعم والمساعدات أفضل طريق للحد من توسع الشيوعية.وفتح المجال للنشاط الاقتصادي وعدم تقييد الدعم والمساعدة للنشاط الزراعي .

 

ومن حُسن حظ الألمان، أن أمريكا التي  خشيت من ردة فعل وثأر ألماني قادم،  لتبدأ تقديم  الدعم والمساعدات التي تدفقت على  أوروبا، ووصل اجمالي ما قدم  إلى 13 مليار بموجب المشروع الشهير الذي اطلق عليه مصطلح وخطة المارشال ولكن هذا الكرم الأمريكي لم يكن لأسباب إنسانية ولا اسباب اخلاقية ولا حتى  بسبب طيبة قلوب الأمريكان؛ ولالزرقة عيون الألمان  فقد كان لأمريكا أهدافها في تحويل الألمان من عدو إلى صديق من خلال التنمية الاقتصادية، وكان لها ذلك.

ومع أن الهدف الأكبر للامريكان  الحد من انتشار الشيوعية، إلا أن خطة المارشال عادت على الولايات المتحدة بالفائدة الكبرى حيث استطاعت أن تخلق سوقا استهلاكية للسلع الأمريكية، وبالتالي بدأت الأموال تتدفق إلى أمريكا من جديد، وهكذا بدأ الاقتصاد الأوروبي يتعلق بشكل أساسي بالسوق الأمريكي، مما أتاح لأمريكا الاستمرار في النمو والتطور

 

واذا كانت البداية الحقيقية لمشروع مارشال في أبريل عام 1948م، حينما وافق الكونغرس الامريكي على إنشاء إدارة او هيئة التعاون الاقتصادي حتى تشرف رسميا على المساعدة وتم تأسيس  ما سمي حينها "بمنظمة التعاون الاقتصادي الأوروبي" ،. وقامت الولايات المتحدة على اثرها  بإرسال الدعم المادي الكبير والخبرات الاستشارية والفنية حتى وقفت أوروبا وألمانيا على أرجلها وبدأت تستعيد عافيتها تدريجيا حتى وصلت الى ما هو عليه اليوم .

 

((ولعلنا نستذكر  اهم ما قاله ((،جورج مارشال إنه قبل أن تتبرع الولايات المتحدة بأي مساعدات مالية "يتعين أن يكون هناك نوع من الاتفاق والاليات حول كيفية إنفاق هذه الأموال. وقد تعمد حينها ترك التفاصيل مبهمة منتظراً ليرى ما سيحدث)).

هذا الحديث لمارشال يتغافل عنه الكثير من مسؤولي دول العالم التي تتلقى مساعدات مماثله وكأن مثل هذه المساعدات شخصية لهؤلاء المسؤلين فالفساد لعب ويلعب دور كبير جدا في ضياع المساعدات والدعم الدولي لتضيع الفرص تلو الفرص لتبقى شعوبهم في خانة الفقر والبؤس عقود من الزمن والفرصة مؤاتية اليوم امام العديد من الدول العربية التي ستتلقى مساعدات دولية كبيرة لتأخذ مكانها الصحيح كما أخذته واستفادت منه  دول  كألمانيا واليابان وكوريا الجنوبية التي لم تترك مثل هذه الفرص تضيع على شعوبهم التي اصبح لها مكانة دولية مرموقة في العالم)).

 

لم يأت عرض مارشال بتقديم المساعدة من فراغ سياسي. فقد ألقى  وزير الخارجية الأميركي  جيمز بيرنز فيما بعد  خطاب الأمل في شتوتغارت بالمانيا وتعهد بيرنز في خطابه بأن تساعد الولايات المتحدة في إعادة بناء ألمانيا وبأن تعيد دمجها في الاقتصاد الأوروبي. كما تعهد بالالتزام بوجود قوات أميركية على المدى الطويل رداً على وجود سوفيتي ضخم في منطقة الاحتلال السوفيتي.

فهل نحن على استعداد لتلقف  الدعم والمساعدة بكل امانة وشفافية واخلاص لإنجاز المشاريع المستهدفة لتحقيق الإعمار والنمو والانطلاق نحو تنمية مستدامة طويلة الامد .

*- خالد أحمد واكد – عدن