شبابنا هل تساوى الموت عندهم بالحياة ؟

 

عجزت أربعة أطقم عسكرية تابعة لإدارة أمن عدن يوم أمس عن تفريق آلاف المجندين تجمّعوا أمام بوابة معسكر الصولبان خشية استهدافهم بعملية انتحارية شبيهة بعملية الأسبوع الماضي والتي أوقعت 49 قتيلا وعشرات الجرحى .

الأحد الثامن عشر من ديسمبر فجر انتحاري نسفه وسط تجمع لطالبي تجنيد موقعا 52قتيلا وأكثر من 60 جريحا جلّهم

 

ولم تفلح  مناشدات متكررة بمكبرات الصوت  أطلقتها سيارة شرطة تطالب المجندين الجدد بعدم التجمّع والعودة الى منازلهم مؤكدة بأن وجودهم في مكان واحد أمر في غاية الخطورة وأن اللجنة الخاصة بالترقيم وصرف الرواتب لا تتواجد في المعسكر حالياً.

إصرار آلاف المجنّدين على التجمّهر والتجمّع في مكان شهد قبل أيام قليلة عملية تفجير نفذها انتحاري قتلت وجرحت العشرات من زملائهم لا يحمل إلا توصيّفا واحداً مفاده أن هؤلاء الشبان باتت الحياة في نضرهم بوضعها الحالي تتساوى والموت فلم يعد يخيفهم خطراً محدقاً يعلمون قبل غيرهم جدّيته وإمكانيّة حدوثه  بنسب عالية .

 

آمال :

كثير من هؤلاء أوصلتهم ظروف المعيشة الى  ترجيح خيار التجنيد على مواصلة الدراسة ومنهم من حصر تفكيره في أن راتب الجندي الذي يمكن أن يحصل عليه سيختصر مسافات بعيدة في مشوار حياته .

وهي مصيبة كبيرة حين تتساوى كفتا الموت والراتب في عيون مئات الشباب من أبناء الجنوب وتتضاءل آمالهم وتتقزم بعيدا عن الطموح البعيد بمستقبل زاهر وغد أفضل ويكاد شعور بالخوف يتملّكني لتصوري حال عدن والجنوب بعد عشر سنوات وغالب الشباب الذين نعوّل عليهم لإحداث نهضة حقيقية وتغيير جاد صار غالبهم عسكر- لا يعيبهم شرف الجنديّة مطلقاً -ولكن ليس للغالبية العظمى من شبابنا  .

 

كنت أرجوا للجنوب أن يتحوّل الى أنموذج عن سويسرا ويتخلّص الى الأبد من كل ما يتعلّق بالعنف والسلاح والحرب .

غير أن هذه الموجة من التحشيد العسكري تنبئ بملامح مستقبل من الصراع ودورات  متتالية من الحروب والفتن .

 

من يوقفهم :

هل بتنا فعلا أسرى لحروب ووقود لقتال لم يعد مشعلوه محتاجين الى أسباب ومبررات لتدشينه والمصيبة أن أطراف الصراع اليوم لم تعد ترعى أخلاقا أو تلتزم بآداب أو مواثيق او اتفاقيات ناهيك عن تجاوزها بلا استثناء الخطوط الحمراء والصفراء .

كما أن شبح الجماعات المسلّحة الإيديولوجية والمفرّخة سيضل هو الآخر قائما وبديلا جاهزا يسدّ مكامن تقصير الأطراف السياسية التي قد ينهكها يوماً طول أمد الحرب أو حال فكرت بضرورة وجود هدنة لأخذ الأنفاس .

 

ويبقى السؤال هل نحن جميعا مسؤولين عن وصولنا الى هذا المستوى من الكره والحقد والبغضاء والرغبة " الزومبيّة " باستئصال الاخر وسحقه .

والى متى سنضل حريصين على بقاء  منسوب الدم في أعلى مستوى له ؟

فمجرّد طرح صور واقعنا اليوم في المنطقة واليمن تحديدا وحصر عدد القتلى الذين يسقطون يوميا من كافة الأطراف مخيف جدا جدا

والمصيبة أن الجميع بات طرفا في دورات الصراع المميتة هذه ولم يعد  لدينا في غرفة الحكام أحد يمكنه في وقت ماء إطلاق صفارة النهاية أو أخذ  وقت مستقطع .